ما يزيد الوضع تأزما وضبابية، هو انجراف العديد من السياسيين والأحزاب المحسوبة على اليمين المعتدل إلى الخطاب الشعبوي المعادي للمهاجرين الذي تمارسه الأحزاب اليمينية المتطرفة، وذلك لتدارك التراجع الذي لحقهم على مستوى الكتلة الانتخابية
ينتقل اليمين المتطرف في أوروبا من قوة إلى قوة. ومردّ قوته بالأساس: المشاكل الاقتصادية التي تلقي بظلالها على المجتمع الأوروبي. يُتْقن اليمين المتطرف توظيفها في خطابه السياسي، رابطا علتها بالهجرة، واعدا بالتصدي لها، حتى أضحى خطابه كشرارة متوهجة على الخريطة السياسية، يكتسح الانتخابات في أماكن من القارة العجوز، ويتربّص بها في أماكن أخرى.
في إيطاليا، يحكم حزب ’’إخوة إيطاليا‘‘ اليميني المتطرف بعد فوزه في الانتخابات العامة التي أجريت في 25 شتنبر 2022 بقيادة زعيمته جيورجيا ميلوني وبتحالف مع حزب ’’الرابطة‘‘ و ’’فورزا إيطاليا‘‘ اليمينييْن.
في هولندا، أصبح ’’حزب الحرية‘‘ الذي يقوده المتطرف اليميني خيرت فيلدرز قاب قوسين أو أدنى من تشكيل حكومة ائتلافية تجمع أحزاب اليمين بعدما حصل ’’حزب الحرية‘‘ على المركز الأول بفارق كبير عن منافسيه في الانتخابات العامة المبكرة التي جرت في 22 نونبر 2023.
وفي بولندا، رغم تصويت البرلمان في دجنبر 2023 لصالح رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي السابق دونالد توسك ليصبح رئيسا للوزراء، فإن حزب ’’القانون والعدالة‘‘ اليميني المتطرف الذي حكم البلاد تحت قيادة زعيمه ماتيوس مورافيتسكي لمدة ثماني سنوات ما يزال قويا، واحتل المركز الأول في انتخابات أكتوبر 2023 بنسبة ما يقرب من 36% من الأصوات، وبالتالي، فإن عودته لسدة الحكم من المحتمل أن تحدث.
وفي فرنسا، وإسبانيا، وألمانيا، يتزايد رصيد الأحزاب اليمينية بشكل لافت. فحزب اليمين المتطرف الذي تتزعمه ماري لوبان في فرنسا سجل نتائج تاريخية في انتخابات أبريل 2022. وحزب ’’فوكس‘‘ اليميني المتطرف بقيادة سانتياغو أبسكال بات رقما صعبا في المشهد السياسي في إسبانيا التي يقودها ائتلاف هش بزعامة الاشتراكي بيدرو سانشيس. وحزب ’’البديل من أجل ألمانيا‘‘، بخطابه المتطرف والمعادي للمهاجرين يسير في اتجاه توسيع مساحته السياسية على حساب تراجع شعبية الائتلاف الحاكم بقيادة أولاف شولتز.
أما في السويد، فقد حصل حزب ’’ديمقراطيو السويد‘‘ من أقصى اليمين في انتخابات شتنبر 2022 على أزيد من 20% من الأصوات، محتلا بذلك المركز الثاني في القائمة الحزبية للبلاد. وشُكّلت حكومة ائتلافية، نالت دعم حزب ’’ديمقراطيو السويد‘‘.
وما يزيد الوضع تأزما وضبابية، هو انجراف العديد من السياسيين والأحزاب المحسوبة على اليمين المعتدل إلى الخطاب الشعبوي المعادي للمهاجرين الذي تمارسه الأحزاب اليمينية المتطرفة، وذلك لتدارك التراجع الذي لحقهم على مستوى الكتلة الانتخابية.
ومن المحتمل أن ينتقل تأثير الأحزاب اليمينية المتطرفة إلى ساحة انتخابات البرلمان الأوروبي المقرر إجراؤها في السادس والتاسع من يونيو 2024.
ويسعى التكتل السياسي المنضوي تحت اسم ’’الهوية والديمقراطية‘‘ الذي أسسته الأحزاب الشعبوية واليمينية المتطرفة في البرلمان الأوروبي، إلى الحصول على المركز الثالث في الانتخابات المقبلة.
وبحسب نتائج مسح أجرته منظمة (Europe Elects) الأوروبية لاستطلاعات الرأي، ونشرت نتائجه في 30 نوفمبر الماضي، فإن معدلات التصويت للأحزاب اليمينية المتطرفة في الدول الأوروبية وصلت في الآونة الأخيرة إلى ’’مستويات أعلى من أي وقت مضى‘‘.
وفي المسح المذكور، أظهرت النتائج تزايد شعبية أحزاب اليمين المتطرف، المتجمعة تحت مظلة ’’الهوية والديمقراطية‘‘ في البرلمان الأوروبي، حيث تشغل 60 مقعدا فيه من أصل 705.
(الفهرس/وكالات)