إذا كانت بعض الأحزاب السياسية في المغرب قد خصصت حيّزا في برامجها الانتخابية للمواضيع التي تهم الجالية المغربية المقيمة في الخارج، فإن الأحزاب الكبرى، كحزب ’’العدالة والتنمية‘‘، وحزب ’’الأصالة والمعاصرة‘‘، وحزب ’’الاستقلال‘‘، وحزب ’’الأحرار‘‘، لم تتضمن برامجها أي شيء يُذْكر في هذا الموضوع.

وإذا كانت السيادة للأمة، تمارسها مباشرة بالاستفتاء، وبصفة غير مباشرة بواسطة ممثليها، وأن الأمة تختار ممثليها في المؤسسات المنتخبة بالاقتراع، حسب نص الفصل الثاني من الدستور؛ فإن نسبة 10 في المائة من الأمة تنتمي للجالية المغربية المقيمة بالخارج، لا تشارك في صناعة هذه السيادة، ما دامت لا تستطيع، إلى حدّ الآن، ممارسة حقها الدستوري في التصويت والترشيح في الانتخابات.

ورغم أن الفصل السابع عشر من الدستور ينص على أن المغاربة المقيمين في الخارج يتمتعون بحقوق المواطنة كاملة، بما فيها حق التصويت والترشيح في الانتخابات وتقديم ترشيحاتهم على مستوى اللوائح والدوائر الانتخابية المحلية والجهوية والوطنية؛ فإنه لم يصدر أي قانون في هذا الصدد يحدد كيفيات الممارسة الفعلية وشروطها لحق التصويت وحق الترشيح انطلاقا من بلدان الإقامة.

وأمام صمت الحكومة، وصمت الأحزاب السياسية المغربية، وصمت مجلس الجالية المغربية بالخارج، يحق للرأي العام المغربي بصفة عامة، والجالية المغربية بصفة خاصة، التساؤل حول الأسباب الحقيقية التي تؤجل تنزيل مقتضيات الفصل السابع عشر من الدستور بعد مرور عشر سنوات على صدوره، وتمنع المغاربة المقيمين بالخارج من التمتع بحقوق المواطنة كاملة، ولا سيما حقهم في التصويت والترشيح في الانتخابات.

والسؤال الأكبر الذي يفرض نفسه في هذا السياق، يدور حول ما إذا كان بالإمكان الحديث عن ديمقراطية مكتملة الأركان، حسب المعايير الدولية لمفهوم الديمقراطية، عندما لا تستطيع فئة مهمة من المجتمع ممارسة حقها الدستوري في التصويت والترشيح؟

لا نعرف الأسباب الحقيقية وراء عدم تنزيل الفصل السابع عشر من الدستور إلى حدود الآن؛ هل يتعلق الأمر بعوامل ذات طبيعة لوجستيكية؟ أم ثمة تخوفات ما من جهة ما من النتائج التي قد تفرزها أصوات الناخبين المقيمين في الخارج …؟

لكن ما نعرفه بالتأكيد، أن الانتخابات المزمع إجراؤها في الثامن من شهر شتنبر المقبل يشوبها عيب قانوني يتمثل في تعطيل مبدإ دستوري يتعلق بالمشاركة الديمقراطية لجميع المغاربة في صياغة سيادة الأمة؛  كما نعرف كذلك، أن مكونات جاليتنا المغربية في الخارج، مرتبطة أشد الارتباط بوطنها، ومنخرطة بشكل قوي في الدفاع عن قضايا الأمة ووحدتها، وتساهم في بناء تنمية الوطن والحفاظ على ميزان مدفوعاته بما توفره من سيولة نقدية ونسبة مهمة من العملة الصعبة في خزينة الدولة .. ومن ثمة، حان الوقت لإنهاء هذه الحالة الاستثنائية اللا دستورية، التي لا تتناسب مع ما يسعى إليه المغاربة من ديمقراطية وحقوق.

(الفهرس/سعيد منصفي التمسماني)

X