الفهرس/عمر التمسماني

برشلونة الى أين …؟  هكذا بدأ يتساءل أنصار النادي الكتلوني بعد سنوات المجد والهيمنة في العقدين الأخيرين، سنوات تربع فيها ’’البلوغرانا‘‘ على عرش الكرة الأوروبية، بينما الآن أصبح النادي الكتلوني يواجه صعوبات كبيرة للمنافسة على المراكز الأولى في الدوري المحلي، ناهيك عن ’’فضائح‘‘ دوري أبطال أوروبا  كما يصفها مشجعو النادي.

تكبد  ’’فريق الأحلام‘‘ (Dream team)، كما كان يسمى منذ عهد المدرب الهولندي الراحل ’’جوهان كرويف‘‘،  هزائم متتالية في الأدوار الإقصائية من دوري الأبطال أمام فرق اعتاد  على هزيمتها، وأصبح الآن يمني النفس بالخروج بأقل عدد ممكن من الأهداف في شباكه وتفادي الخسارة بفارق كبير يحطم كبريائه.

رحيل الأسطورة يكشف الخلل

لعل رحيل أسطورة النادي الأرجنتيني ’’ليونيل ميسي‘‘ عن أسوار القلعة الكتلونية، مخلفا وراءه إرثًا كرويا من الصعب تعويضه، جاء ليكشف النقائص التي تراكمت منذ سنوات داخل النادي.

لقد استطاع ’’ميسي‘‘ سَتْر العيوب التي شابت النادي بفضل قدراته الفردية في الميدان، كما استطاع أن يحقق للفريق بعض النتائج الإيجابية حتى وهو في أسوء حالاته؛ بينما انكشفت مكامن ضعف الفريق بمجرد رحيل النجم الأرجنتيني الذي أصبح الآن ينثر سحره في العاصمة الفرنسية باريس تاركًا سفينة النادي الكتلوني بدون قبطان.

وكان نادي برشلونة، قد أعلن في أغسطس/آب من العام الجاري، أن ليونيل ميسي سيغادر النادي رغم توصل الطرفين إلى اتفاق لتجديد العقد، بعدما أشار النادي إلى عقبات اقتصادية وهيكلية.

وأضاف النادي الإسباني حينها في بيان ’’رغم توصل برشلونة وليونيل ميسي لاتفاق والنية الواضحة للطرفين لتوقيع عقد جديد، لا يمكن أن يتم هذا بسبب عقبات مالية وهيكلية‘‘.

وقبل ذلك، كان ميسي قد حاول  مغادرة برشلونة في أغسطس/آب 2020، وقدم طلبا رسميا للرحيل بعد انقطاع العلاقات مع رئيس النادي آنذاك ’’جوسيب ماريا بارتوميو‘‘. لكن خليفته ’’جوان لابورتا‘‘ أقنعه بالبقاء.

 وانضم ميسي إلى أكاديمية الناشئين في برشلونة (لاماسيا) في سن 13 وأصبح الهداف التاريخي للنادي وأكثر اللاعبين مشاركة بقميصه برصيد 672 هدفا في 778 مباراة بجميع المسابقات.

إرهاصات الأزمة

يرى العديد من المحللين ومتتبعي النادي الكتلوني، أن بدايات الأزمة التي يعاني منها فريق برشلونة حاليا، أخذت في الظهور مع تولي ’’ساندرو روسيل‘‘ رئاسة النادي، ثم صارت تتعمق تدريجيا مع الرئيس ’’جوسيب ماريا بارتوميو‘‘ منذ سنة 2014.

وتصف العديد من المصادر ومواقع التواصل الاجتماعي التي يتداولها أنصار الفريق، بأن الفترة الرئاسية لـ ’’بارتوميو‘‘، كانت أسوء محطة في تاريخ النادي، وذلك بالرغم من فوز الفريق بدوري الأبطال سنة 2015 والدوري وكأس الملك.

ويرجع المشجعون فضل الحصول على تلك الألقاب إلى عدد النجوم والتقنيين الذين كانوا تحت إمرة الفريق آنذاك، انطلاقا من المدرب ’’لويس إنريكي‘‘، مروار بـ ’’ميسي‘‘ و ’’نايمار‘‘ و ’’لويس سوارريز‘‘ وإنييستا‘‘ و ’’داني ألفيس‘‘ وغيرهم.

ويقول بعض الخبراء في الشأن الكروي لنادي برشلونة، أن الأزمة الحالية كانت متوقعة، وهي تحصيل حاصل، تعود بالأساس إلى سنوات من سوء التدبير المالي والإداري، وسوء إدارة صفقات البيع، والرهان على تعاقدات كانت في مجملها خاسرة، فضلا عن أن أصحابها كانوا يتقاضون أجورا فلكية لم تكن تتناسب مع عطائهم، مما كلف خزينة الفريق أموالا كثيرة ونفقات عقيمة، ليدخلها في نهاية المطاف في ديون ثقيلة قلصت على نحو كبير تحركات الفريق واستثماراته وأوقفت معظم مشاريعه.  

هل يصلح ’’لابورتا‘‘ ما أفسده غيره؟

تولى ’’جوان لابورتا‘‘، المحامي ورجل الأعمال والسياسي الكتلاني المعروف، رئاسة النادي في مارس 2021 خلفا لــ ’’جوسيب ماريا بارتوميو‘‘؛ وهي المرة الثانية التي يتولى فيها هذا المنصب، حيث سبق أن ترأس فريق برشلونة منذ الفترة الممتدة من سنة 2003 إلى سنة 2010، مثلت العهد الذهبي في تاريخ النادي على الإطلاق.

ومنذ توليه زمام الفريق، حاول ’’لابوتا‘‘ تقليص النفقات، مما دفعه إلى عدم تجديد عقد ’’ميسي‘‘ نظرا لكلفته العالية التي لم تعد خزينة النادي قادرة على تحملها، كما أنه تخلى عن خدمات لاعبين آخرين بالنظر إلى أدائهم المتواضع وكذلك بسبب ارتفاع أجورهم. في المقابل، تعاقد مع لاعبين شباب مراهنا على المستقبل، وفي مقدمتهم ’’أنسو فاتي‘‘.

يحمل الرئيس الجديد مشروعا طموحا يعتمد على بناء فريق قوي بالرهان على اللاعبين المحليين وتجديد قدرات مدرسة ’’لاماسيا‘‘ للعودة بالنادي الى مكانته الأصلية سواء على مستوى ’’الليغا‘‘ أو على مستوى المنافسات الأوروبية.

فهل يستطيع ’’لابورتا‘‘ تحقيق ذلك بالرغم من صعوبة الأزمة التي يمر بها الفريق؟ وهل يسترجع ثقة المشجعين ويحملهم على الوثوق بمشروعه؟ أم أن ’’فريق الأحلام‘‘ من المستحيل تكراره؟ هذا ما ستقوله لنا الأشهر المقبلة.

X