صادق مجلس النواب يوم الثلاثاء 29 يونيو 2021 على مشروع قانون رقم 36.21 المتعلق بالحالة المدنية والذي ينسخ مقتضيات القانون 37.99 لسنة 2002.

ويقصد بالحالة المدنية، حسب المشرع المغربي، النظام الذي يقوم على تسجيل الوقائع المدنية الأساسية للأفراد من ولادة ووفاة وزواج وانحلال ميثاق الزوجية، وضبط جميع البيانات المتعلقة بها من حيث نوعها وتاريخ حدوثها ومكانه.

وقد أبقى مشروع قانون الحالة المدنية المصادق عليه، على معظم المقتضيات  التي تضمنها التشريع السابق، لكنه أضاف جملة من القواعد التي تحمل في طياتها تغييرا مهما.

ولعل أبرز تغيير سيشهده نظام الحالة المدنية المغربي، هو ذاك المتعلق بإحلال ’’المنظومة الرقمية‘‘ ليتماشى تدبير ملفات الحالة المدنية وبياناتها مع المسار الرقمي الذي انطلقت فيه الإدارة المغربية.

وتشتمل المنظومة الرقمية للحالة المدنية، حسب المادة 12 من القانون الجديد (حسب صيغة المشروع المصادق عليه في مجلس النواب)، على:

بوابة الحالة المدنية؛ والنظام المعلومياتي؛ والسجل الوطني؛ والتبادل الإلكتروني لمعطيات الحالة المدنية؛ والمعرف الرقمي المدني-الاجتماعي.

وحسب التعريف الذي خصه المشرع لبعض المصطلحات:

يقصد بـ ’’ بوابة الحالة المدنية‘‘: الموقع الإلكتروني الإخباري والتفاعلي الخاص بمرفق الحالة المدنية، والذي يمكن للمرتفق والسلطات والمؤسسات المختصة من التصريح الأولي بمختلف الوقائع المدنية من ولادة أو وفاة أو زواج أو انحلال ميثاق الزوجية.

ويقصد بـ ’’السجل الوطني‘‘: السجل الإلكتروني، المتضمن لجميع الرسوم الإلكترونية المحررة على دعامة إلكترونية والمكونة للقاعدة المركزية لمعطيات الحالة المدنية. وحسب المادة 14 من القانون الجديد، يعتبر السجل الوطني المصدر الرسمي الوحيد لجميع رسوم الحالة المدنية ومستخرجاتها. ويمسك السجل الوطني بالمنصة المركزية للسلطة الحكومية المكلفة بالداخلية.

أما ’’المعرف الرقمي المدني-الاجتماعي‘‘: فإنه يُسْنَد عند تسجيل ولادة كل مغربي أو أجنبي مقيم في المغرب، ويرتبط بالتشريع المتعلق بمنظومة استهداف المستفيدين من برنامج الدعم الاجتماعي وبإحداث الوكالة الوطنية للسجلات.

ومن مستجدات قانون الحالة المدنية، كتابة الأسماء الشخصية والعائلية لصاحب الرسم ولأصوله بحروف تيفيناغ والحروف اللاتينية، على أن رسوم الحالة المدنية تحرر باللغة العربية، وفق ما نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة 19.

وتطرق المشرع المغربي في هذا القانون لمسألة ’’الخنثى‘‘، وهي إحدى مستجداته المهمة.

والخنثى في اللغة، مأخوذة من الخنثِ، وهو اللين والتكسر. وتعريف الكلمة عند الفقهاء،  ينصرف إلى الشخص الذي اشتُبه في أمره ولم يُدْرَ أذكر هو أم أنثى، إما لأنّ له ذكرا وفرجاً معاً، أو لأنه ليس له شيءٌ منهما أصلا. وكانوا يقولون في مسألة الميراث، إنه يرث ميراث الذكر إذا تبيّن أنه ذكر، ويرث ميراث الأنثى إذا تبيّن أنه أنثى. وتتبين الذكورة والأنوثة بظهور علامات كل منهما.

وفي قانون الحالة المدنية الجديد، نصت مادته 27 على أنه: ’’يدعم التصريح بولادة الخنثى بشهادة طبية تحدد جنس المولود، ويعتمد عليها في تحرير الرسم، وإذا حدث تغيير على جنس الخنثى في المستقبل فيغير بمقتضى حكم صادر عن المحكمة المختصة‘‘.

أما المقتضيات الخاصة بالاسم العائلي والاسم الشخصي، فلم يطرأ عليها تغيير مهم. فالاسم العائلي يجب أن لا يكون مخالفا للاسم العائلي للأب أو ماسا بالأخلاق أو النظام العام أو اسما شخصيا أو مثيرا للسخرية، أو اسم مدينة أو قرية أوقبيلة، أو اسما مركبا. وإذا كان الاسم العائلي المختار اسما شريفا، وجب إثباته بشهادة يسلمها نقيب الشرفاء المختص، وفي حالة عدم وجوده يثبت بشهادة عدلية لفيفية. كما أن الاسم الشخصي يجب أن لا يكون ماسا بالأخلاق أو النظام العام أو اسما عائليا أو مثيرا للسخرية أو اسم مدينة أو قبيلة أو اسما مركبا من أكثر من اسمين، وألا يكون مشفوعا بأي كنية أو صفة مثل ’’مولاي‘‘ أو ’’سيدي‘‘ أو ’’لالة‘‘ أو متبوعا برقم أو عدد. وهذه المقتضيات في مجملها، هي ذاتها، تقريبا، التي تضمَّنها قانون الحالة المدنية الصادر سنة 2002.

وبموجب القانون الجديد، يتم إحداث ’’دفتر عائلي إلكتروني‘‘ بالمنظومة الرقمية، يحرر باللغة العربية، مع كتابة الأسماء الشخصية والعائلية لصاحب الرسم وأصوله بحروف تيفيناغ وبالحروف العربية، وتسلم نسخة منه مستخرجة عبر النظام المعلومياتي للأزواج المغاربة المسجلين بالحالة المدنية وللنائب الشرعي. غير أن كنانيش التعريف والحالة المدنية والدفاتر العائلية المؤسسة قبل دخول هذا القانون حيز التنفيذ، تبقى سارية المفعول.

ولتفعيل مقتضيات قانون الحالة المدنية الجديد، يتطلب الأمر إصدار مجموعة من النصوص التنظيمية التي أشار إليها المشرع، مما يعني أن عملية تنزيل مضامين التشريع الجديد المتعلق بالحالة المدنية سيستغرق بعض الوقت لتكتمل أهدافه.

(الفهرس/سعيد منصفي التمسماني)

X