يبني الرافضون لقرار الحكومة المتعلق بـ ’’جواز التلقيح‘‘ طرحهم على عدم مشروعية القرار، أي عدم موافقته للقانون والمبادئ الدستورية بشأن ممارسة المواطنين لحرياتهم وحقوقهم الأساسية.

ويعتبرون أن السلطة التنفيذية، بقرارها التنظيمي، تجاوزت اختصاصاتها وتطاولت على اختصاص السلطة التشريعية، لا سيما وأن قرارها المتعلق بـ ’’جواز التلقيح‘‘ لا يستند إلى تشريع سابق ولا يستمد وجوده من قانون يتعلق بإجبارية التلقيح أقره البرلمان؛ وبالتالي لا يجوز للسلطة التنفيذية أن تحل محل السلطة التشريعية.

وكانت الحكومة المغربية قد قررت اعتماد  ’’جواز التلقيح‘‘ كوثيقة ضرورية للتنقل بين العمالات والأقاليم وللسفر إلى الخارج وولوج الإدارات وبعض المرافق الأخرى، ابتداء من يوم الخميس 21 أكتوبر/تشرين الأول 2021، وهو ما أثار استياء عدد كبير من المواطنين على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث رأوا فيه إجحافا يطالهم ويمس حقوقهم ومصالحهم الاقتصادية المتأزمة أصلا من تداعيات جائحة كورونا.

كما أن القرار أثار اعتراض جمعيات ومؤسسات ونقابات وأحزاب سياسية ونشطاء حقوقيين اعتبروه مشوبا بعيب الشطط في استعمال السلطة التنظيمية وتجاوز القانون والمبادئ الدستورية المتعلقة بالحقوق والحريات. وقد خرجت عدة مظاهرات منددة بالقرار.

وتنص الفقرة الثانية من الفصل 118 من الدستور على أن ’’كل قرار اتخذ في المجال الإداري، سواء كان تنظيميا أو فرديا، يمكن الطعن فيه أمام الهيئة القضائية الإدارية المختصة‘‘.

ويكتسي البلاغ الحكومي بشأن ’’جواز التلقيح‘‘ طابعا تنظيميا، وبالتالي يمكن الطعن فيه عن طريق ’’دعوى الإلغاء‘‘ أمام القضاء الإداري.

وفي هذه الحالة، يجب اللجوء إلى محكمة النقض، باعتبارها الجهة المختصة بالبت ابتدائيا وانتهائيا في طلبات الإلغاء بسبب تجاوز السلطة المتعلقة بالقرارات التنظيمية الصادرة عن رئاسة الحكومة أو تلك القرارات الإدارية التي يتعدى نطاق تنفيذها دائرة الاختصاص المحلي لمحكمة إدارية، حسب ما نص عليه القانون المحدث للمحاكم الإدارية.

وبشكل عام، فإن عيوب ’’المشروعية‘‘ التي تشوب القرار التنظيمي المراد الطعن فيه، قد تتعلق بإحدى عناصر القرار الخمسة، وهي: ’’الاختصاص‘‘، ’’الشكل‘‘، ’’الغاية‘‘ أو ما يعرف بانحراف السلطة، ’’السبب‘‘، و ’’المحل‘‘.

وتعد ’’دعوى الإلغاء‘‘ من أهم الإجراءات القضائية التي يلجأ إليها المتضررون من القرارات الإدارية للدفاع عن حقوقهم وحمايتها.

ويحدد المُشرِّع ميعاد رفع ’’دعوى الإلغاء‘‘ في ستين (60) يوما، تبتدئ منذ اليوم الأول من نشر القرار، بالنسبة للقرارات التنظيمية.

ولا يترتب على تقديم دعوى الإلغاء وقف تنفيذ القرار، إلا إذا تطلبت الضرورة ذلك، وبطلب من رافع الدعوى.

ويظل القاضي الإداري في دعوى الإلغاء محاصرا في حكمه بين اختيارين: الحكم بإلغاء القرار أو رفض طلب الطعن فيه، لكنه ليس ملزما بإلغائه كلية، حيث بإمكانه إلغاء جزء منه.

وكانت الأمينة العامة لحزب ’’الاشتراكي الموحد‘‘ قد أعلنت عزم حزبها  الطعن في قرار الحكومة أمام القضاء الإداري، وقالت إنه تم البدء في التعاطي مع الموضوع مع المحامين؛ لكن لم يحرِّك الحزب بعد ذلك أي إجراء عملي.

وفي نفس السياق، أعلنت الجمعية المغربية لحقوق الانسان في بلاغ، أنها ستتوجه إلـى الرئيس الأول لدى محكمة النقض بالرباط، الأربعاء 3 نونبر/تشرين 2021، بعريضة رامية إلى إلغاء القرار الحكومي القاضي بإجبارية جواز التلقيح، باعتبارها منظمة حقوقية، تتمتع بصفة المنفعة العامة.

هذا، ويجب الالتزام بقررات القضاء في حالة اللجوء إليه، سواء من قِبَل المدَّعي أو المدَّعى عليه. وينص الفصل 126 من الدستور، على أن ’’الأحكام النهائية الصادرة عن القضاء ملزمة للجميع‘‘.

(الفهرس/سعيد منصفي التمسماني)

 

X