وما هو الاختلاف بين العفو العام والعفو الخاص؟

ينص الفصل 58 من الدستور المغربي، على أن الملك يمارس حق العفو.

أما الفصل 49 من القانون الجنائي، فقد جعل من بين أسباب انقضاء العقوبات على المحكوم عليه أو الإعفاء منها: العفو الشامل، والعفو.

وهذا يعني أن المُشَرِّع المغربي قد ميّز بين ’’العفو الشامل‘‘ و ’’العفو‘‘، أو بين ’’العفو العام‘‘ و ’’العفو الخاص‘‘ وفق الاصطلاح المتداول في مجال الدراسات القانونية.

العفو الشامل/العام

’’العفو الشامل‘‘، حسب ما نصت عليه المادة 51 من القانون الجنائي، لا يكون إلا بنص تشريعي صريح. وأن هذا النص يحدد ما يترتب عن العفو من آثار دون المساس بحقوق الغير. أي، أن العفو الشامل، هو عمل من أعمال السلطة التشريعية، يصدر بواسطة نص تشريعي.

غير أن مشروع قانون العفو الشامل (العام) يتم التداول بشأنه أولا على مستوى المجلس الوزاري الذي يترأسه الملك، وذلك حسب ما نص عليه الفصل 49 من الدستور.

ويستهدف ’’العفو الشامل‘‘ مَحْو بعض العقوبات، عندما يتعلق الأمر ببعض أنواع الجرائم، كالسياسية مثلا، أو عندما يتميز مرتكب الجريمة بوضع خاص. ويمكن أن يمحو العقوبة الأصلية والعقوبات الإضافية، أو أن يصدر لوضع حد للمتابعات أو لوضع حد لتنفيذ الأحكام.

العفو الخاص

أما العفو الخاص، فهو حق من حقوق الملك، حسب ما نص عليه الفصل 53 من القانون الجنائي، وكذلك الفصل 58 من الدستور.

ويضيف الفصل 53 من القانون الجنائي، أن العفو (الخاص) يُباشَرُ وفق الترتيبات التي تضمنها ظهير فبراير 1958 بخصوص العفو.

والظهير المذكور لحقته ثلاثة تعديلات: سنة 1963، وسنة 1977، ثم سنة 2011.

ويصدر العفو الخاص، سواء قبل تحريك الدعوى العمومية أو خلال ممارستها، وفي جميع مراحلها. وهنا لا تتطلب مسطرة العفو تدخل ’’لجنة العفو‘‘. ومن آثاره، أنه يمحو الجريمة.

كما يمكن أن يصدر العفو الخاص على إثر حكم بعقوبة أصبح نهائيا، أي بعد صدور حكم بالإدانة غير قابلٍ للطعن. وفي هذه الحالة يترتب عن العفو: إما استبدال العقوبة، أو تخفيضها جزئيا، أو الإعفاء الكلي منها. ويمكن أن يتضمن العفو كذلك الإعفاء من كل أو بعض آثار الحكم ومنها حالات عدم الأهلية وسقوط الحقوق التي تنتج عن الحكم. وهنا، لا يؤدي العفو إلى إلغاء الجريمة، أي أن المعني بالعفو لا يعفى إلا من تنفيذ العقوبة، أما الإدانة فتظل قائمة.

مسطرة العفو الخاص ولجنة العفو

تختلف مسطرة العفو الخاص  حسب ما إذا كان المستهدّفُ بها فردا أم جماعة.

فيصدر العفو الفردي إما مباشرة وإما بطلب من المحكوم عليه أو من أقاربه أو أصدقائه ومن النيابة العامة أو إدارة السجون.

أما العفو الجماعي فيصدر بمناسبة عيد الفطر وعيد الأضحى والمولد النبوي وعيد العرش. وقد أضيفت إلى هذه المناسبات ذكرى 11 يناير وذكرى ثورة الملك والشعب وذكرى عيد الشباب.

أما لجنة العفو، فيبدو حسب مضمون ظهير فبراير 1958، أنها لا تتدخل إلا عندما يتعلق الأمر بإصدار العفو على إثر حكم بعقوبة أصبح نهائيا.

ومهمتها تتمثل في دراسة المطالب الملتمس فيها العفو من قضاء العقوبات والاقتراحات الموجهة إليها، والحصول على المعلومات، ثم تقوم بإبداء رأيها الذي ترفعه إلى الديوان الملكي من أجل البت فيه.

وتتألف لجنة العدل، من وزير العدل أو مفوضه بصفة رئيس، والمدير العام للديوان الملكي أو مفوضه، والرئيس الأول لمحكمة النقض أو ممثله، والوكيل العام للملك لدى محكمة النقض أو ممثله، ومدير الشؤون الجنائية والعفو أو ممثله، ومدير إدارة السجون أو ممثله، وعند الاقتضاء، ضابط من الأركان العامة للقوات المسلحة الملكية يعينه وزير الدفاع الوطني.

وتجتمع لجنة العدل في التواريخ التي يحددها وزير العدل، والمناسبات والأعياد المذكورة.

***

يتضح من خلال ما تم عرضه، أن العفو الخاص يختلف عن العفو الشامل من حيث المسطرة، وكذلك من حيث الآثار عندما يصدر العفو الخاص بعد صدور حكم نهائي حيث إنه لا يمحو الجريمة كما يفعل العفو الشامل. لكن عندما يصدر العفو الخاص قبل تحريك الدعوى العمومية، أو خلال ممارستها، أي قبل أن يصير الحكم غير قابل للطعن، فهنا يقترب العفو  الخاص من العفو الشامل من حيث الآثار.

 (الفهرس/سعيد منصفي التمسماني)

X