الفهرس ـ AA ـ

ما يزال اللبناني جورج عبد الله، يقبع بأحد السجون في فرنسا، رغم مرور نحو 20 عاما على انتهاء مدة محكوميته، وحصوله على حكم بالإفراج المشروط، إلا أن السلطات القضائية الفرنسية ترفض إخلاء سبيله.

  أكثر من 36 عاما أمضاها جورج خلف القضبان، فنال بذلك لقب أقدم السجناء في فرنسا، إلا أن أصدقاءه وأقاربه وحقوقيين، يعتبرونه أسيرا ومحتجزا هناك، ولا يوجد اي مسوغ قانوني لاستمرار اعتقاله. 

  وقد أوردت وكالة الأناضول، عن المحامي مازن حطيط،  المتابع لقضية عبد الله، قوله إن “ما يحصل مع الأسير جورج يخرق كافة القوانين الدولية والإنسانية وحقوق الإنسان، كان يجب إطلاق سراحه منذ انتهاء مدة العقوبة مع العلم، أن جورج يعاقب على فعل ثوري أقدم عليه من حوالي 40 عاما”. 

 وأشار حطيط ، الذي ينتمي للحزب “الشيوعي” اللبناني، إلى أن “الاستمرار في اعتقال جورج هو تشويه لمفاهيم القضاء ومفاهيم حقوق الإنسان كافة، ويجب إطلاق سراحه اليوم قبل الغد”. 

 وكان جورج قد اعتقل في فرنسا عام 1984، ثم حكم عليه بالمؤبد عام 1987 بتهمة التواطؤ في أعمال “إرهابية” والمشاركة في اغتيال دبلوماسي إسرائيلي وآخر أمريكي.

 وبحسب سيرته الذاتية المنشورة على موقع “الحملة الدولية لإطلاق سراح جورج عبد الله”، ينحدر من بلدة “القبيات” (شمال لبنان)، حيث ولد عام 1951، وانضم أواخر السبعينات لصفوف الحركة الوطنية (تحالف أحزاب وفصائل معادية لإسرائيل)، ثم التحق بالمقاومة الفلسطينية. 

 ولاحقاً، اشتهر جورج بمقولة “أنا مقاتل ولست مجرما”، ومما نقلته وسائل الإعلام عنه أثناء محاكمته قوله إن “المسار الذي سلكته، أملته علي الإساءات لحقوق الانسان التي ترتكب ضد فلسطين”. 

 وفي عام 1999، انتهت مدة سجنه بعد استيفائه كافة الشروط المطلوبة للإفراج عنه، وحصل على حكم بالإفراج المشروط عام 2003 (من بينها ترحيله إلى لبنان)، لكن النيابة العامة الفرنسية تقدمت باستئناف للقرار، ولم يُفرج عنه. 

 “ليس موقوفا أو محاكما إنما أسيرا”، هذا ما يؤكده حطيط في سياق حديثه عن جورج عبد الله، ويقول: “يجب إطلاق صرخة في وجه الديمقراطية القضائية الفرنسية، ما يحصل يطرح علامات استفهام كثيرة حول المفاهيم التي تصلنا من الغرب”. 

 وبحسب حطيط فإن “السلطات الفرنسية وخلفها الأمريكية يتحملون المسؤولية تجاه أي ضرر يمكن أن يتعرض له جورج عبد الله داخل السجن”. 

 ويوضح المحامي اللبناني أنه “عندما زار (الرئيس الفرنسي إيمانويل) ماكرون لبنان، سُئل عن القضية، فادعى أنه على جورج “التوقيع”، وبحسب حطيط فإن ذلك يعني “الاعتراف بـ”الخطيئة” أي تخليه عن فكر وفعل العمل المقاوم.

 ويقول حطيط أن “هذا دليل واضح على أن الديمقراطية الغربية زائفة عندما يتعلق الأمر بمصالحها ومصالح إسرائيل”، مردفا أن “الإدارة الفرنسية ترضخ للإملاءات الأمريكية وفرض شروطها حتى على الشؤون القضائية”.  

 وكان رئيس الوزراء اللبناني الأسبق نجيب ميقاتي، قد دعا عام 2012، إلى الإفراج عن جورج عبد الله، معتبرا أن قضيته باتت “قضية إنسانية”. 

 ويشهد محيط السفارة الفرنسية في بيروت بين الحين والآخر، تحركات احتجاجية تطالب بالإفراج عن جورج عبد الله.  

 الشقيق الأصغر لجورج، روبير، اعتبر أن “شقيقه محتجز تعسفيا في السجون الفرنسية، خلافا لكل الكلام الكاذب الذي تدعيه السلطات الفرنسية بأنها سلطات العدالة والمساواة والحرية”. 

وشبه روبير زيارات ماكرون الأخيرة إلى لبنان بأن “هدفها الاستحصال على قطعة من الجبنة الأمريكية في المنطقة”. 

 وقال، إن المتظاهرين طالبوا الرئيس الفرنسي خلال زيارته لبنان بالإفراج عن شقيقه، إلا أن ماكرون ادعى أن “على جورج التوقيع كي يطلق سراحه، في محاولة منه للتهرب من المسؤولية، فالتوقيع يجب أن يكون من حكومته على قرار الإفراج وهذا إجراء إداري بحت”. 

 وخلال زيارة الرئيس الفرنسي الأخيرة إلى بيروت، في 1 سبتمبر / أيلول الماضي، شهد محيط قصر الصنوبر (منزل السفير الفرنسي) حيث كان يتواجد ماكرون، تظاهرة مطالبة بالإفراج عن جورج عبد الله. 

 وأضاف روبير، أن “حب الغرب للبنان هو حب مخادع، الدولة الغربية تعمل وفق مصالحها”، مشيرا إلى “تدخل أميركي” في القضية لعرقلة عملية الإفراج عن جورج عبد الله. 

 وفي أواخر 2018 ذكرت صحيفة “الأخبار” اللبنانية، أن الرئيس ميشال عون كلف المدير العام للأمن العام التواصل مع رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية الفرنسية برنارد إيمييه، ليطلب منه السعي إلى “إيجاد حل للقضية”. 

وفي إطار الجهود الرسمية اللبنانية، قال اللواء عباس إبراهيم، في أغسطس/آب 2019، ردا على سؤال خلال مؤتمر صحفي، إن “موضوع المعتقل جورج عبد الله على نار حامية والرئيس عون يتابع الموضوع شخصيا ونأمل أن نراه قريبا بيننا”. 

 من جهتها، اعتبرت المحامية فداء عبد الفتاح، أن “فضيحة فرنسا في قضية جورج عبد الله ستبقى إلى أبد الآبدين، وهكذا ينظر بعض المسؤولين الفرنسيين للقضية”.

 وقالت عبد الفتاح وهي من الناشطين في حملة إطلاق سراح عبد الله، إن “ملف جورج هو وصمة عار على جبين الحكومة الفرنسية والقضاء الفرنسي، لأن ما حصل بهذا الملف لم يحصل بأي مكان في العالم، لناحية فبركة طريقة رفض قرارات إخلاء السبيل والإفراج عن جورج”. 

 وأضافت الناشطة الحقوقية، المتابعة لملف جورج عبد الله، منذ نحو 20 عاما، أن “الرضوخ والخضوع الفرنسي للقرار الأمريكي هو فضيحة لدولة تتغنى بالسيادة والاستقلال”. 

 واستغربت “عدم إثارة الموضوع بالشكل الكافي من قبل المسؤولين اللبنانيين مع ماكرون والقول له أن الرجل معتقل في فرنسا خلافا للقانون منذ عام 1999”. ​​​​​​​

 وفي 24 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، نفذت “الحملة الوطنية لتحرير الأسير والمناضل جورج عبد اللّه” في ذكرى اعتقاله الـ 36، تظاهرة أمام السفارة الفرنسية في بيروت، طالبت المسؤولين الفرنسيين الإفراج الفوري عنه والتوقيع على قرار ترحيله إلى لبنان.​​​​​​​

 

X