ما مفهوم الميزانية العامة للدولة ومفهوم قانون مالية السنة؟ وما هو مضمونهما؟ وما هي موارد ميزانية المغرب وتكاليفها لسنة 2022؟

مبدأ ‘‘وحدة الميزانية’’، هو أحد المبادئ الرئيسية في الفكر المالي، الذي بموجبه يستلزم إدراج كل إيرادات الدولة ونفقاتها في وثيقة مالية واحدة تسمى ’’الميزانية العامة‘‘.

غير أنه في الوقت الحالي، ومع تطور النشاط الاقتصادي والمالي ومفهوم موارد الدولة وتكاليفها، وظهور بعض الحسابات المالية المتميزة بطابعها الخاص، أضحى يُعمل بمبدأ ‘‘الوحدة‘‘ على مستوى وثيقة مالية أشمل، وهي:  ‘‘قانون مالية السنة‘‘.

وبالتالي، أصبحت الميزانية العامة تعد جزءا من قانون مالية السنة إلى جانب كل من ميزانيات ‘‘مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة’’، و ‘‘الحسابات الخصوصية للخزينة’’.

قانون مالية السنة

قانون مالية السنة، هو نصٌّ تشريعي لأنه يصدر عن السلطة التشريعية بعد تقديمه على شكل مشروع قانون تعده الحكومة.

وهو ‘‘إذن برلماني’’، بموجبه، يُأْذَن للحكومة بتنفيذ العمليات المالية للدولة المتعلقة بتحصيل الإيرادات وإنجاز النفقات.

وهو تصرفٌ توقعي لكونه يصدر قبل بداية السنة المالية التي يتوقع خلالها مجموع موارد الدولة وتكاليفها.

وينصرف مضمون قانون مالية السنة، حسب المادة السادسة من القانون التنظيمي 130.13 لقانون المالية، إلى الأحكام المتعلقة بالموارد والتكاليف، والأحكام المتعلقة بشروط تحصيل المداخيل، والأحكام الخاصة بمراقبة استعمال الأموال العمومية.

ويحتوي قانون مالية السنة على ثلاث وثائق: الوثيقة الأولى، هي الميزانية العامة التي تعتبر نواة قانون مالية السنة،  والوثيقة المتعلقة بمرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة (SEGMA)، ثم الوثيقة المرتبطة بالحسابات الخصوصية للدولة.

ويُقصد بـ ‘‘مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة’’، حسب القانون التنظيمي لقانون المالية: مختلف ‘‘مصالح الدولة غير المتمتعة بالشخصية المعنوية والتي تغطي بموارد ذاتية بعض نفقاتها غير المقتطعة من الاعتمادات المقيدة في الميزانية العامة’’. ويهدف نشاط هذه المصالح ‘‘أساسا إلى إنتاج سلع أو تقديم خدمات مقابل دفع أجر’’.  ويتم إحداثها ‘‘بمقتضى قانون المالية الذي تقدر فيه مداخيلها والمبلغ الأقصى لنفقاتها’’. وتخضع ميزانياتها لنفس الشروط والكيفيات المتعلقة بعمليات الميزانية العامة من حيث الإجراءات التي يقتضيها صدور الإذن البرلماني بشأنها، مع مراعاة بعض الأحكام الخاصة بها. وتقدَّم مشاريع العمليات المبرمجة لهذه المرافق ‘‘للجان البرلمانية المعنية رفقة مشاريع القطاعات الوزارية أو المؤسسات التابعة لها هذه المرافق’’.

وقد بلغ عدد مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة: 173 مرفقا خلال سنة 2021، مقابل 187 مرفقا خلال سنة 2019. وتتوزع هذه المرافق في كافة المجالات، كالمستشفيات والمراكز الصحية في مجال الصحة، وبعض المعاهد السياحية والمدارس والمعاهد الفلاحية في مجال التعليم والتكوين المهني، والخزينة العامة للمملكة وإدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة في مجال السلطات العمومية والخدمات العامة… إلخ.

أما ‘‘الحسابات الخصوصية للخزينة’’ (المعروفة إعلاميا بالصناديق السوداء)، فإنها، حسب المُشَرِّع المغربي، تتعلق ببعض العمليات التي لا يمكن إدراجها بطريقة ملائمة في الميزانية العامة إما لطابعها الخاص أو لعلاقة سببية متبادلة بين المدخول و النفقة، أو بعمليات خاصة يجب ضمان استمرارها من سنة مالية إلى أخرى أو لكونها تحتفظ بآثار تمتد على ما يزيد على سنة. وتحدث هذه الحسابات بقانون المالية. وعند حالة الاستعجال يمكن إحداثها بموجب مرسوم. وهي تتوزع على خمسة أصناف تمت الإشارة إليها في القانون التنظيمي لقانون المالية.

وقد بلغ عدد الحسابات الخصوصية 69 حسابا سنة 2020؛ في حين لم يتم إحداث أي حساب خصوصي للخزينة أو حذفه خلال سنة 2021.

وتعتبر ‘‘الحسابات المرصدة لأمور خصوصية’’ أهم صنف من أصناف الحسابات الخصوصية للخزينة، حيث بلغت الموارد المنجزة لهذا الصنف لوحده خلال سنة 2020 ما قدره 243.444 مليون درهم.

ومن الصناديق المندرجة ضمن الحسابات المرصدة لأمور خصوصية خلال سنة 2020: الصندوق الخاص بتدبير جائحة كورونا، وصندوق الاستثمار الاستراتيجي، وحصة الجماعات الترابية من حصيلة الضريبة على القيمة المضافة، وصندوق دعم أسعار بعض المواد الغذائية، وصندوق التنمية القروية والمناطق الجبلية، وصندوق دعم الحماية الاجتماعية والتماسك الاجتماعي…إلخ.

الميزانية العامة

وتسمى كذلك بـ الموازنة العامة، وتدخل ضمن مكونات “قانون مالية السنة”، كما سبقت الإشارة إليه.

وتعتبر الميزانية العامة بيانا تقديريا يتضمن مجموع الحسابات التي تحدد نفقات الدولة وإيراداتها  العامة المتوقعة  لسنة مالية مقبلة، باستثناء الحسابات المتعلقة بميزانيات مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة وميزانيات الحسابات الخصوصية للخزينة.

وترتبط الميزانية العامة بسنة مالية واحدة، تبتدئ من فاتح يناير وتنتهي مع نهاية شهر دجنبر من نفس السنة. وهذا يعني، أن الترخيصات بالإنفاق والإيراد، الواردة في الميزانية، لا يمكن أن تزيد صلاحيتها عن سنة. ويمكن تطبيق بعض الاستثناءات على ‘‘مبدأ سنوية الميزانية’’ وفق الشروط المنصوص عليها في القانون التنظيمي لقانون مالية السنة.

وتتكون الميزانية العامة من جزأين: الجزء الأول يرتبط بالموارد، والجزء الثاني  يتعلق  بالنفقات.

وتتكون الموارد المندرجة ضمن الجزء الأول من الميزانية، من الضرائب، والرسوم، و حصيلة الغرامات، والأجور عن الخدمات المقدمة والأتاوى، وأموال المساعدة والهبات والوصايا، ودخول أملاك الدولة، وحصيلة بيع المنقولات والعقارات، وحصيلة الاستغلالات، والمساهمات المالية للدولة في أرباح المؤسسات العمومية، والمبالغ المرجعة من القروض و التسبيقات والفوائد المترتبة عليها، وحصيلة الاقتراضات، والحصائل المختلفة. (المادتان 11 و 13 من القانون التنظيمي لقانون مالية السنة).

وتتكون النفقات المندرجة ضمن الجزء الثاني من الميزانية، من نفقات التسيير ونفقات الاستثمار ونفقات الدين العمومي.

ويقترن تنفيذ الميزانية العامة بإذن البرلمان الذي يندرج ضمن إصدار قانون مالية السنة.

ويعكس مضمون الميزانية ، الأهداف الاقتصادية و الاجتماعية التي تتبناها الدولة.

ويتوقع أن يبلغ مجموع مداخيل الدولة حسب قانون مالية سنة 2022 إلى 461.191.336.000 (مليار درهم – نحو 51 مليار دولار تقريبا) بما فيها المداخيل المتأتية من الاقتراض. في المقابل، من المتوقع أن تبلغ نفقات الدولة 520.248.526.000 (مليار درهم)، مسجلة بذلك عجزا ماليا قدره 59.057.190.000 (مليار درهم – أزيد من من 6 مليار دولار تقريبا).

(الفهرس/سعيد منصفي التمسماني)

X