خالد البكاري: هناك هندسة طبقية واجتماعية ومدرسية تحدد مسارات المتعلمين في الغالب الأعم. والمتفوقون خارج هذه الهندسة حالات استثنائية لا يجب القياس عليها

تطرق الأستاذ والحقوقي المغربي خالد البكاري لمسألة مهنة التعليم ومن يدخلها والانطباع السائد لدى الكثيرين بأن من يمتهنها معظمهم ليسوا من الكفاءات، وتعرض لإشكالية انعدام تكافؤ الفرص من حيث التكوين الذي يتلقاه التلاميذ والطلبة خلال مسارهم الدراسي ونتائج ذلك  وتأثيراته  على المنظومة التعليمية.

ورد ذلك في تدوينة كتبها البكاري في صفحته على موقع فيسبوك، ويأتي في سياق الجدل المتصاعد الذي خلفه قرار وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، القاضي بتخفيض سن توظيف أطر الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين إلى 30 سنة وإعادة تطبيق شرط الانتقاء الأولي.

وهذا نص التدوينة:

البعض كذاك يكتب بأن التعليم بدأ يدخله “من والا”، وأن هذه المهنة بجب اتخاذ ما يلزم لكي لا يلجها سوى الكفاءات..

لا بأس أن نتحدث بواقعية، حتى ولو كانت صادمة.

التعليم يلجه خريجو الكليات ذات الاستقطاب المفتوح غالبا.

بمعنى أن الذين يجتازون مباريات التعليم في الغالب، هم الذين لم يتفوقوا بعد الباكالوريا في ولوج الأقسام التحضيرية  وكليات الطب وما جاورهما.

هذا الاصطفاء/ التصفية التي تقع بعد الباكالوريا، ليست دائما مرتبطة بالتباين في الذكاء،  بقدر ما مرتبطة (دون تعميم) بشروط طبقية واجتماعية.

لم تعد مقولة “لولا أبناء الفقراء، لضاع العلم” صائبة.

كانت كذلك في زمن تكافؤ الفرص نسبيا، حين كان أولاد الفقراء يدرسون في فصل دراسي واحد مع أولاد الأغنياء.

اليوم  نوع التعليم الأولي، والمدرسة التي تلقى الطفل فيها دراساته الابتدائية، والمستوى المادي والتعليمي للأبوين يلعبون دورا في التفوق الدراسي.

بمعنى أن  هناك هندسة طبقية واجتماعية ومدرسية تحدد مسارات المتعلمين في الغالب الأعم. (المتفوقون خارج هذه الهندسة حالات استثنائية لا يجب القياس عليها).

المتفوقون في التعليم الثانوي يتوجهون نحو الجامعات والمعاهد والمدارس العليا التي تؤهل للمهن ذات الجاذبية والبريستيج (الهندسة، الطب،،،،،).

ما تبقى ، وهو الغالبية تذهب لكليات العلوم والآداب والحقوق، لتكمل دراساتها في شروط بيداغوجية مأساوية. (راه إذا جينا نطبقو شرط نقط الباكالوريا على أساتذة ألجامعات خصوصا في الآداب والحقوق ونسبيا العلوم غنلقاو الجيل الجديد ديال الأساتذة الجامعيين كلهم باسابل في الباكالوريا، وهذا ليس عيبا، لأن نقط الباكالوريا هي لتقويم تعلمات الثانوي وفقط ، وليس معقولا أن تطارد الواحد في مساره الجامعي والمهني، راه ممكن واحد يجيب الباك بحداش ويتفوق في الجامعة لأنه اختار ما يلائمه، والعكس صحيح).

خريجو هذه الكليات هم من يتنافسون في غالبيتهم لولوج مهنة التدريس.

هذا هو الواقع،،

مهنة تبدأ الأجرة فيها ب 5000 درهم ،لا يمكن أن تكون جذابة لمن بإمكانه عبر شهاداته أن يلج مهنا بأجر أكبر وفيها نوع من البريستيج، وليس التعليم الذي يتباكى عليه الجميع، ولكن هذا الجميع يؤلف نكتا عن المعلمين، توضح نظرة المجتمع لهذه المهنة وممارسيها.

عن اي جاذبية تتحدثون؟

هل هذا يعني أن هؤلاء لا يمتلكون ما سماه الكاتب العام للوزارة كفايات بيداغوجية وأكاديمية؟

ليس بالضرورة..

ليس مطلوبا من الاستاذات والأساتذة أن يكونوا من صنف  العلماء،

إن المطلوب منهم أساسا في الجانب المعرفي إنجاح عملية النقل الديدكتيكي..

وهنا المطلوب أن يمتلكوا من الناحية المعرفية المقررات التي سيدرسونها، وأن يمتلكوا الأدوات البيداغوجية والديدكتيكية لإنجاح عملية النقل الديدكتيكي. وهي عملية ليست سهلة كما قد يبدو لأول وهلة (وقد ينجح مجاز في الرياضيات في تبسيط نقل معرفة رياضية لطفل في المستوى الرابع إذا كان متمكنا من الأدوات التواصلية والديدكتيكية، ويفشل في ذلك عالم رياضيات).

وهذه مهمة التكوين الأساس في المراكز ، والتكوين المستمر الذي يجب أن يخضع له بصفة دورية كل الاستاذات والأساتذة، لأن المعارف والمناهج والبيداغوجيات تتغير.

المشكل ليس في الأعداد الكبيرة التي تتقدم للمباريات من أجل أن تجد منصب شغل ،، لأن ذلك حق من حقوقها.

المشكل في طريقة إجراء المباريات التي لا تستند على أي منطق يفرز نجاح من يمتلكون مؤهلات معرفية وتواصلية ونفسية ملائمة للوظائف التربوية والتعليمية، بل غالبا يكون النجاح بعامل الصدفة (ودائما دون تعميم).

ثم المشكل في التكوين الأساسي المبني على مجزوءات وضعت بشكل عشوائي، وغياب التكوين المستمر.

هذا دون أن نتحدث عن الاكتظاظ، والأقسام المشتركة، وتكليف أساتذة مواد بتدريس مواد اخرى، وغياب الوسائل التعليمية، وأحيانا غياب الماء والكهرباء والمراحيض،،،،

لكن في النهاية، من يتحدث عن ضرورة أن تصبح مهنة التعليم مهنة جاذبة للكفاءات، فهو يغفل المحددات الطبقية للتعليم، من التعليم الأولي حتى التعليم العالي.

 

X