هل بالإمكان بناء استنتاجات على أساس ما أفرزته الأيام الأولى للحرب من أحداث؟

ثمة احتمال قائم، معقول  وجدِّي بشأن سعي الغرب بقيادة أمريكا إلى تحويل أوكرانيا إلى منطقة استنزاف للروس على شاكلة ’’أفغانستان الإسلامية‘‘.

السؤال: هل ينجح مثل هذا السيناريو في ’’أوكرانيا المسيحية‘‘ التي يقطنها عدد كبير من الموالين لموسكو؟ وهل يقبل الاتحاد الأوروبي بالفوضى على أبوابه إذعانا للعبة الأمريكية ويخاطر بأمنه بخلق كيان مضطرب على حدوده بهذه المواصفات؟

إن  المقارنة بين الحالتين الأفغانية والأوكرانية، هي عملية تفتقد للمصداقية نظرا لغلبة عناصر أوجه الاختلاف فيها على عناصر أوجه الشَّبَه وتباين العوامل المُتحكِّمة في السياق الدولي لكلا الحالتين.

لم تمر سوى أيام قليلة على الحرب حتى بدأت موجات بشرية مكونة من مئات الآلاف من المهاجرين الأوكرانيين بالتدفق نحو منطقة الاتحاد الأوروبي؛ والقادم أعظم، لا سيما مع دخول عصابات المتاجرين في الهجرة السرية على الخط، وظهور نداءات مغرية في منصات التواصل الاجتماعي تدعو الراغبين للهجرة  من سائر أنحاء العالم لاستغلال هذا الظرف الاستثنائي للالتحاق بالتراب الأوروبي!!

يقول أحدهم، إن الحصار الاقتصادي الغربي الذي قام في السابق بهدف إضعاف الاتحاد السوفييتي وتفكيكه تطلب ثمانين عاما لكي يعطي ثماره، وإذا بالغرب يجد نفسه مرة أخرى في مواجهة شديدة مع ما بقي من الاتحاد السوفييتي!!

ثم إن آلية العقوبات الاقتصادية المفروضة طيلة عقود من الزمن قد أثبتت فشلها في احتواء بعض الدول ’’المتمردة‘‘ وإخضاعها، فهل ستنجح في إخضاع روسيا بما تتوفر عليه من إمكانات اقتصادية وعسكرية ونووية وقدرات تكنولوجية ومعلوماتية وفضائية تتجاوز بكثير الوضع الذي كان سائدا إبّان حقبة الاتحاد السوفييتي؟؟؟

إن الجواب على السؤال الأخير، يتطلب –في المقام الأول- رَصْد طبيعة اقتصادات الأطراف المتصارعة وأسسها ومكونات ناتجها الداخلي الخام ومعدلات اكتفائها الذاتي، بالإضافة إلى رَصد التركيبة السياسية والثقافية لمجتمعاتها؛ وذلك كله، من أجل صياغة توقعات موضوعية حول من لديه القدرة والتجربة والنفَس الطويل للصمود في خضم الصراع القائم.

الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، بالرغم من كل ما قيل عن غبائه ’’المصطنع‘‘، انتهج بذكاء سياسة حذرة تنْبَني على أساس عزل الصين ووضعها على رأس قائمة أولوياته. بينما يسير الرئيس جو بايدن نحو الدخول في صراع ضد كل من روسيا والصين في آن واحد، وهذا خطأ استراتيجي، يُنبئ بــ ’’صـــراع طويـــــل‘‘ لا يمكن تصور نتائجه من خلال أحداث اليوم أو الغد أو التسرع للبناء على ما تُرَوّجه محطات ’’التسويق الإعلامي‘‘ من صور، بل يجب الانتظار حتى تتشكل الملامح الأولى للمشهد، لأن الأطراف المتصارعة لم تستنفذ بعدُ جميع أوراقها، إنما هي في المرحلة الأولى من توظيفها .. والأيام دُول .. وللتاريخ حتميات وسنن…

(سعيد منصفي التمسماني)

X