تتحكم الولايات المتحدة الأمريكية في التمويل الدولي من خلال سيطرتها على أكبر المؤسسات الدولية المالية، وفرضها للدولار كعملة دولية لا يمكن تجاوزها في المعاملات المالية الدولية وخصوصا على مستوى نظام ’’سويفت‘‘ رغم أنه لا يستند على أرصدة ’’الذهب‘‘ بل على ما تمتلكه واشنطن من قوة ونفوذ يجعلانها تنتهج سياسة عقود الإذعان في تعاملاتها المالية مع الدول الأخرى. فالدولار، هو في حقيقة الأمر، سوى عملة ورقية قيمته لا تتجاوز قيمة المادة المصنوع بها.

لقد أحكمت أمريكا قبضتها على النظام المالي الدولي بعد تأسيس كُلٍّ من البنك الدولي للإنشاء والتعمير وصندوق النقد الدولي في المؤتمر النقدي والمالي الدولي الذي انعقد في ’’بريتون وودز‘‘ صيف عام 1944، بمشاركة مندوبي 44 دولة.

حينها، قيل بأن الاقتصاد العالمي ما بعد الحرب العالمية الثانية يحتاج إلى مؤسسات مالية دولية مختصّة تزوِّد البلدان بالقروض الضرورية التي تحتاجها للتنمية الاقتصادية.

لكن التجربة والواقع يثبتان أن القروض المقدَّمة من طرف المؤسستين الماليتين المذكورتين لم تعمل سوى على تكريس الهيمنة الأمريكية على الاقتصاد الدولي وربطه بالاقتصاد الأمريكي، وذلك من خلال نهج سياسة ’’التمويل المشروط‘‘ الذي أدخل الدول المقترضة، ولاسيما دول العالم  الثالث في دوامة من الديون المُستنزِفة والتي لا تنتهي.

بعد تأسيس كل من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي سنة 1944، ستصبح فرنسا أول من يتلقى قرضا بقيمة 250 مليون دولار أمريكي. غير أن الشرط الأساسي للقرض، كان يقتضي انسحاب الشيوعيين من الحكومة الفرنسية في ذلك الوقت.. هكذا بدأت قصة القروض الدولية مع المؤسستين الماليتين الدوليتيْن لتصبح بعد عقود من الزمن سيفا مسلطا على رقاب الدول الفقيرة.

بسياسة ’’التمويل المشروط‘‘ استطاعت واشنطن أن تتحكم ليس فقط في اقتصادات الدول المقترضة وإنما في قراراتها السياسية كذلك.

طريقة التصويت في كلا البنْكَيْن اللذين يضمان 189 دولة عضوا، تقوم على أساس أن لكل دولة صوتا واحدا، وأن نسبة التصويت تزيد حسب نسبة المساهمة لكل دولة في رأس مال المؤسستين الماليتين.

وتبعا لنظام التصويت هذا، تتمتع الولايات المتحدة الأمريكية على مستوى البنك الدولي وصندوق النقد الدولي بحق النقض ونسبة تصويت أكبر، تزيد بنسبة 17%؛ حيث تبلغ الحصة الأمريكية في رأس المال المصرح به للبنك الدولي 17.58%، تليها اليابان بنسبة 7.58%، ثم الصين بنسبة 4.88%.

الخبير المالي الشهير بيتر كونيغ تحدث في مقالة بعنوان ’’جدول أعمال البنك الدولي وصندوق النقد الدولي السري‘‘ عن هاتين المؤسستين قائلا: ((يعمل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي جنبا إلى جنب بسلاسة. فهما لا يقرضان بانتظام مبالغ ضخمة من المال لأنظمة مروعة في جميع أنحاء العالم فحسب، بل إنهما يَبْتزّان أيضا الدول الفقيرة لقبول الشروط الصارمة التي يفرضها الغرب. وبعبارة أخرى، فإن البنك الدولي وصندوق النقد الدولي مُذْنبان بارتكاب أفظع انتهاكات لحقوق الإنسان)).

(الفهرس/وكالات)

X