دياس أيوسو، مرشحة الحزب الشعبي والفائزة بالانتخابات الأتونومية في منطقة مدريد

الفهرس ـ وكالات ـ

 

أحدثت الانتخابات الأتونومية المبكرة في مدريد تغييرات سياسية لم ينحصر مداها على المستوى الجهوي بل  طال المشهد السياسي الإسباني بصفة عامة؛ ونتائجها يمكن وصفها، مجازا، بمثابة زلزال سياسي.

وإذا كانت النتائج لم تتعارض مع التوقعات التي كانت تعطي لمرشحة الحزب الشعبي، إيسابيل دياث أيوسو، فوزا نسبيا، إلا أنه لا أحد كان يتوقع خسارة الحزب الاشتراكي لعدد مهم من مقاعده  بلغ 13 مقعدا، وتراجع حزب بوديموس اليساري إلى الرتبة الأخيرة، بل وإعلان مرشحه وزعيمه بابلو إغلسياس ترك العمل السياسي برمته بعد النتائج المخيّبة التي حصل عليها  حزبه.

وخسارة الحزب الاشتراكي وحزب بوديموس سيكون لها ما بعدها، لأن الحزبين معا راهنا على هذه الانتخابات، وجعلا منها ميدانا للاختيار بين كتلتين: إما كتلة اليسار أو كتلة اليمين، ودفعا في قائمتهما بأسماء وازنة للظفر بنتائجها؛ فلما حلت الخسارة، ألقت بظلالها على المشروع كاملا وعلى المركز السياسي للحزبين على المستوى الوطني وليس فقط على المستوى الأتونومي.

وكما سبقت الإشارة، فقد دفع الحزب الاشتراكي في هذه الانتخابات بأسماء ثقيلة، من بينها وزيرة الاقتصاد والسياحة في الحكومة المركزية، رِيّيس ماروتو، وكاتبة الدولة للهجرة هناء جلول؛ بينما نزل حزب بوديموس بكل ثقله عندما قرر أن يترشح زعيمه بابلو إغليسياس لخوض هذه الانتخابات، وهو الذي كان يشغل إلى ذلك الحين منصب نائب رئيس في حكومة بيدرو سانتيش، وبالتالي، لما حلت الهزيمة بكلا الحزبين، كانت ثقيلة بطبيعتها وعلى قدر ما تم استثماره فيها.

وقد جرت الانتخابات في الرابع من شهر مايو/أيار، في جو من الاستقطاب شديد، وأحدثت النتائج صدمة سياسية لم يكن حجمها متوقعا على هذا النحو؛ وفازت مرشحة الحزب الشعبي، دياث أيوسو، بـ 65 مقعدا من أصل 136 مقعدا جرى التباري عليها، محققة زيادة في عدد المقاعد المحصل عليها بلغت 35 مقعدا مقارنة بانتخابات 2019. وحلّ حزب ’’ماس مدريد‘‘ اليساري في الرتبة الثانية بـ 24 مقعدا و 614660 صوتا. وحلّ الحزب الاشتراكي في الرتبة الثالثة بـ 24 مقعدا و 610190 صوتا حيث خسر 13 مقعدا مقارنة بانتخابات 2019. وحصل حزب ’’فوكس‘‘ اليميني المتطرف على 13 مقعدا و 330660 صوتا. وجاء في المرتبة الأخيرة حزب بوديموس بـ 10 مقاعد و 261010 أصوات مسجلا تقدما طفيفا مقارنة بانتخابات 2019 بنسبة 3 مقاعد لم تشفع له لتغطية فداحة الهزيمة. بينما لم يحصل حزب ’’سيودادانوس‘‘ على أي مقعد داخل البرلمان الأتونومي لمدريد، ليُضاف بذلك إلى مفاجآت هذه الانتخابات المبكرة، حيث تراجعت تمثيليته من 26 مقعدا كان قد حصل عليها في انتخابات 2019 إلى زوال تمثيليته من المجلس التشريعي الأتونومي لمنطقة مدريد.

 ويعزو المحللون أسباب فوز مرشحة الحزب الشعبي بهذه الطريقة إلى عدة أسباب: أولها، شخصيتها وكيفية تعاطيها مع وسائل الإعلام والمتتبعين لها والوصول إلى الناخب بخطابها الشخصي. ثانيها، رفعها لشعار ’’الحرية‘‘ خلال حملتها الانتخابية، مما جعل رسالتها تنفذ إلى الأغلبية الساحقة المتضررة من إجراءات القيود التي فرضتها السلطات للحد من تفشي وباء كورونا، لا سيما إذا ما أضيف إلى هذا، أن ’’أيوسو‘‘ كانت تعلن رفضها لإجراءات الإغلاق وتعتبرها أمرا مبالغا فيه، وتركز على ضرورة المرونة والتساهل مع أصحاب المهن والمطاعم والمقاهي لممارسة أنشطتهم.

وعامل آخر ربما أثر سلبا في حظوظ الأحزاب اليسارية، ويتعلق بمواضيع الهجرة وربطها بالبطالة والأزمة الاقتصادية والجريمة، وهي كلها مواضيع ركّز عليها اليمين المتطرف خلال حملته الدعائية، واجتهد في الإيحاء بأن التصويت على اليسار من شأنه المساهمة في مضاعفة الهجرة. هذا بالإضافة إلى إثارة بعض المواضيع الحساسة، كالملكية والقومية الإسبانية، والادعاء بمعاداة اليساريين لها، مما أثر على شريحة مهمة من الناخبين ودفع بهم إلى التصويت لصالح اليمين، إما للحزب الشعبي أو لحزب ’’فوكس‘‘.

ــــــــــــــــــــ

 

مقالات ذات صلة:

ـ انفصاليو  كطالونيا يحصدون الانتخابات ألأتونومية

ـ الانتخابات الأتونومية في غاليسيا وبلاد الباسك 

X