الفهرس

لا شك في أن الاتفاقيات التي ترأس حفلها الملك المغربي، محمد السادس، أمس الاثنين، لإعطاء انطلاقة رسمية لمشروع تصنيع اللقاح المضاد لفيروس كورونا وتعبئته وصناعة لقاحات أخرى، لا شك في أنها تنقل المغرب من مركز ’’المنفعل‘‘ إلى مركز ’’الفاعل والمبادر‘‘، وتدخله في زمرة الدول المنتجة للقاحات المضادة لـ كوفيد-19، بل وتجعل منه مصدرا قاريا معتبرا لتوزيع اللقاحات في القارة الإفريقية ومناطق أخرى، خصوصا وأن العالم ما زال في حاجة لتعبئة قصوى في هذا المجال.

فحسب آخر المعطيات والبيانات، الصادرة يوم السبت الماضي، عن موقع التعقب “Our World in Data،  ارتفع إجمالي عدد اللقاحات في عمليات التطعيم ضد فيروس كورونا حول العالم، إلى 2.9 مليار جرعة.  

وبما أن معظم لقاحات كورونا تعطى على جرعتين، فإن عدد اللقاحات المعطاة لا يعكس عدد الأفراد الذين تم تطعيمهم بالكامل. وبالتالي، فما يزال هناك عمل كبير يُنتظر إنجازه، وتحديات جمة تتطلب صبرا وعملا، فرضها وباء كورونا، الذي أودى، منذ دجنبر 2019، بحياة أكثر من 3.71 ملايين شخص في 192 دولة ومنطقة، مع الإبلاغ عن أكثر من 172.64 مليون إصابة في أنحاء العالم، وفق جامعة “جونز هوبكنز” الأمريكية.

إن هذا المشروع الضخم، الذي يحظى بإشراف ملكي خاص، تبلغ تكلفته 500 مليون دولار، ويهدف لإنتاج خمسة ملايين جرعة من اللقاح المضاد لـ كوفيد-19 في الشهر، ومضاعفة هذا الإنتاج على المدى المتوسط.

وانخراط الصين في هذا المشروع وبناء شراكتها مع المغرب، لم يأتيا من فراغ، وإنما لمؤشرات تفيد نجاح هذا المشروع، نظرا لما يتوفر عليه المغرب من بنيات تحتية وإمكانات صناعية وتقنية ومعرفية مرتبطة بصناعة الأدوية واللقاحات، يضاف إليها ما اكتسبه المغرب طوال مدة الوباء من خبرة وما تراكم لديه من تجارب بفضل مشاركته في عدة مراكز ومختبرات دولية في إجراء تجارب للقحات.

فنحن إذن، أمام مشروع طموح، تتوفر فيه كل شروط النجاح، ويراهن عليه المغرب وفق رؤية استراتيجية لبلوغ الأهداف الآتية:

تحقيق الاكتفاء الذاتي والأمن الصحيين على المستوى الداخلي، وهو ما يعني فك التبعية الخارجية في هذا المجال الحساس.

2ـ تعزيز مكانة المغرب في محيطه، وفي القارة الإفريقية، والعالم بصفة عامة بانتهاج ما بات يعرف بـ ’’دبلوماسية اللقاحات‘‘.

3ـ تعزيز السمعة الدولية للصناعات الدوائية المغربية بشكل عام، بتطوير لقاحات تحت علامة ’’صنع في المغرب‘‘.

4ـ فتح آفاق جديدة في مجال البحث العلمي وصناعة اللقاحات بجميع أنواعها وصناعة الأدوية، بفضل ما سيحصل عليه المغرب من خبرات وتجارب في ظل تطبيقه لهذا المشروع الضخم.

بهذه الأهداف وغيرها التي يراد لها أن تتحقق في أفق قريب، سيتمكن المغرب من ولوج مجال، لطالما ظل حكرا على مجموعة من الدول والشركات المتنفذة التي كان ينظر إليها كناد مغلق، لكن ظروف جائحة كوفيد-19 وضروراتها غيّرت المشهد وحتّمت فتح التعاون وتبادل الخبرات ونقلها، وفسحت المجال لدول أخرى مثل المغرب لكي تحتل مكانا لها في هذا النادي.

X