الفهرس

عبد الرزاق بن عبد الله ـ AA ـ

عاشت الجزائر أطول أيام شك انتخابي بشأن نتائج الانتخابات النيابية بسبب تعقيدات نظام القائمة المفتوحة، في وقت أظهرت مؤشرات نشرتها أحزاب وتداولها ناشطون من مختلف الولايات توجها نحو تكريس الخارطة البرلمانية التقليدية بحضور المستقلين.

وعادة ما تفرز نتائج الانتخابات التي جرت سابقا بالجزائر، سيطرة الأحزاب التقليدية الكبرى على معظم المقاعد في البرلمان (407 عددها الإجمالي) مع تغير في المواقع أو الترتيب فيما تحصل الأحزاب الأخرى على مقاعد محدودة للغاية، وهو ما قد يتكرر هذه المرة أيضا، وفق مؤشرات أولية.

وتواصل السلطة المستقلة للانتخابات بالجزائر استقبال محاضر فرز أصوات الانتخابات النيابية التي جرت السبت، في وقت يعطيها قانون الانتخابات مهلة تصل 96 ساعة لإعلان النتائج الرسمية الأولية.

وينتظر أن تعلن السلطة المستقلة عن النتائج خلال الساعات القادمة، حيث ذكر مصدر  أن أغلب محاضر الفرز القادمة من الولايات وصلت إلى مقرها المركزي بالعاصمة.

وتوقع المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه، كونه غير مخول بالتصريح للإعلام، أن تصل بقية المحاضر مع نهاية اليوم (الإثنين) على أقصى تقدير.

وفي غياب مراكز سبر (استطلاع) الآراء في البلاد بقي الغموض سيد الموقف وسط معلومات متضاربة تنشرها شبكات التواصل وممثليات الأحزاب حول النتائج.

** معركة طويلة مع القائمة المفتوحة

وعادة تعلن نتائج الانتخابات بالجزائر في اليوم الموالي للاقتراع لكن نظام القائمة المفتوحة الذي اعتمد لأول مرة في الانتخابات النيابية عقد العملية وأجل إعلان النتائج الرسمية كما أضفى غموضا كبيرا حول المؤشرات العامة.

ونمط القائمة المفتوحة، يسمح للناخب بترتيب المترشحين داخل القائمة الواحدة حسب رغبته، بخلاف المغلقة التي كانت تفرض عليه اختيار القائمة كما هي، وفق ترتيب الحزب دون إمكانية التصرف فيه.

ويتم فرز أصوات القائمة المفتوحة على مرحلتين، الأولى بتحديد القوائم الفائزة التي تجاوزت عتبة 5 بالمائة من الأصوات في كل ولاية التي يشترطها القانون لدخول السباق على المقاعد المخصصة لكل ولاية.

أما المرحلة الثانية فيعاد من جديد احتساب الأصوات لمعرفة المرشح الذي حصل على أكبر عدد منها داخل كل قائمة وفق ترتيب تنازلي مع مرشحي القوائم الأخرى الفائزة لتحديد من له حق الظفر بالمقاعد.

وفي حال تساوي عدد الأصوات بين المترشحين يفوز الأصغر سنا وفق قانون الانتخابات، كما تفوز المرأة في حال تساوي أصواتها مع مرشح رجل.

وحسب ما جُمع  من شهادات عبر الولايات جعل هذا النظام المعقد المشرفين على مكاتب التصويت والفرز يصلون ليلة السبت بيوم الأحد.

وكان العدد الكبير للمرشحين الذي فاق 22 ألف وعدد القوائم التي تجاوزت 2000 قائمة عاملا آخر في تعقيد العملية فضلا عن حدوث مشاكل تقنية في شبكة معلوماتية لسلطة الانتخابات تربط الولايات بالمقر المركزي بالعاصمة خصصت لتجميع المحاضر.

** مشهد تقليدي للفائزين

ومساء الأحد، بدأت مؤشرات تظهر بعدد من الولايات حول القوائم الفائزة، وسط توقعات غير رسمية بإعادة إنتاج المشهد البرلماني القديم بتقاسم العدد الأهم من المقاعد بين الأحزاب الكبرى في الساحة.

وأعلنت حركة مجتمع السلم (أكبر حزب اسلامي بالبلاد) في بيان لها الأحد تصدرها نتائج الفرز عبر أغلب الولايات (58 ولاية)، محذرة من التلاعب بالنتائج ليليها حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم سابقا بإعلان الفوز.

وأصدرت سلطة الانتخابات بيانا ردا على هذه الاتهامات مؤكدة أنها “بدون مصداقية” وأنها تواصل فرز الأصوات وستحمي أصوات الناخبين كما تعهدت.

ووفق صحيفة النهار (خاصة) أظهرت النتائج الأولية في عدة ولايات شمالية أن أحزاب جبهة التحرير الوطني، التجمع الوطني الديمقراطي وحركة مجتمع السلم فازت في عدة دوائر متبوعة بحركة البناء الوطني (اسلامي) وجبهة المستقبل (وسط) إلى جانب مستقلين.

ونقل موقع “سبق برس” الخاص والمتخصص في المشهد السياسي نفس المشهد حول الأحزاب المتصدرة للنتائج مضيفا أن ” باقي الأحزاب على تشكيل كتلة برلمانية بحصولها على عدد محدود من المقاعد”.

من جهتها، ذكرت صحيفة “الخبر” الخاصة إن قوائم المستقلين التي كانت حاضرة بقوة في السباق (أكثر من 1200 قائمة) استفاقت على صدمة انتخابية بسبب سقوط عدد كبير منها عند حاجز العتبة (نسبة 5 بالمائة).

وخلال العهدة السابقة للمجلس الشعبي الوطني المحل كان حزب جبهة التحرير الوطني الأول بـ 160 نائبا، متبوعا بالتجمع الوطني الديمقراطي (100 نائب)، ثم حركة مجتمع السلم (35 نائب) وتأتي أحزاب أخرى بمقاعد أقل.

** نتائج منطقية للعزوف

وعن المؤشرات الأولية لنتائج الانتخابات يقول توفيق بوقاعدة أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر العاصمة  إنها “نتائج منطقية”.

وأضاف بوقاعدة أن الأحزاب الفائزة وفق هذه المؤشرات التي ظهرت تقدمت لسببين “الأول هو وجود وعاء انتخابي تقليدي قار (مستقر) رغم وجود عزوف شعبي ضمنت أصواته”.

أما العامل الثاني فهو “انفتاح هذه الأحزاب على مرشحين من خارجها لها حضور شعبي جلب لها أصوات جديدة”، وفقا له.

وحسب بوقاعدة “فالنتائج الأولية “مؤشر طبيعي بأن العمل السياسي هو عمل مؤسساتي وأن رهان السلطة على المجتمع المدني (الجمعيات والمنظمات والمستقلين) كان الهدف الأساسي منه هو رفع نسبة المشاركة”.

وأوضح أن “هذا الرهان لم يكن صائبا بدليل أن نسبة العزوف زادت (نسبة المشاركة بلغت 30.20 بالمائة) وازدادت أزمة الثقة لدى المواطن في العمل السياسي”.

وهذه الانتخابات هي الأولى التي تجرى في البلاد منذ وصول الرئيس عبد المجيد تبون الحكم بعد انتفاضة 22 فبراير/ شباط 2019 ضد نظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.

مقالات ذات صلة:

ـ الجزائر .. نسبة المشاركة في الانتخابات 30.20%

ـ الانتخابات النيابية الجزائرية .. حراك وجدل ومقاطعة

X