تعود قضية إلياس الطاهري، المعروف في وسائل الإعلام المغربية ومنصات التواصل الاجتماعي بــ “فلويد المغربي‘‘، إلى 1 يوليو من سنة 2019، عندما توفي في أحد المراكز المخصصة للقاصرين في مدينة ألمريا، بسبب ما قيل إنه عملية إخضاع تعرض لها الفتى المغربي على يد مجموعة مكونة من ستة أفراد من العاملين في المركز، ادعوا أنهم عادة ما يلجأون إلى ذلك من أجل ضبط بعض المقيمين في المركز وتهدئتهم في حالة توترهم. 

إلياس الطاهري (18 سنة)، هو من مواليد تطوان، عاش في الجزيرة الخضراء مع أمه وإخوته، وأُدخِل إلى عدة مراكز للأحداث الجانحين قبل نقله إلى مركز ألميريا.

ومن الأشياء اللافتة التي تركها الراحل إلياس، رسالة كان قد كتبها إلى المعالِجة النفسية التي كانت تتولى ملفه قبل مجيئه إلى المركز الجديد.

تبدأ الرسالة، التي لم يُكتب لها أن تصل إلى المرسل إليها وتسلمتها عائلته بعد وفاته، بالكلمات التالية: “الطيبة والعزيزة لوسيا. لقد اشتقت إليك. بداية، الأكل هنا لا يساوي شيئا، لكن البيتزا هي أفضل من تلك في قرطبة…‘‘. 

رفعت أم إلياس دعوى قضائية تُحمِّل فيها مركز ألميريا مقتل ابنها، لكن القضية سيتم حفظها في شهر يناير السابق من طرف القاضية تيريسا إيناس سانتيش جيسبير، تحت عنوان: ‘‘موت عنيف بشكل عرضي‘‘. 

ولا تعتبر هذه القضية هي الأولى التى تُرفَع ضد مركز ألميريا المعروف باسم “أورويا‘‘، فقد قُدمت شكايات سابقة حول بعض حالات موت وعنف ادعى أصحابها أن المركز قد مارسها ضد بعض نزلائه. لكن مصير هذه القضايا كان هو “الحفظ‘‘ من طرف القضاة. 

وكان مدير المركز، مانويل مدريد سافيدرا، قد قدم استقالته في 5 يونيو الجاري، من خلال رسالة مقتضبة، أعلن فيها أن استقالته ناتجة عن “دواعي شخصية، وبسبب العياء الجسمي والنفسي، وكذلك من أجل الحفاظ على الصورة الجيدة للمركز‘‘. 

غير أن قضية إلياس الطاهري، ستنقلب رأسا على عقب وستأخذ مجرى آخر، بعد ظهور فيديو يتكون من 13 دقيقة كانت قد سجلته كاميرات المراقبة داخل المركز ونشرته إحدى الصحف الإسبانية يُظهِر مجموعة من الأشخاص العاملين بالمركز يضغطون بقوة على ظهر إلياس وهو ملقى على الفراش ورأسه إلى أسفل دون أن يبدي أي نوع من المقاومة أو الاضطراب إلى أن فقد وعيه.  

على إثر ظهور الفيديون أعلن المدعي في ألميريا ضرورة إعادة فتح الملف واسئنافه بظهور دلائل جنائية جديدة تنصرف إلى تهمة “القتل غير العمد‘‘. وخلصت مذكرة الادعاء الإسباني إلى القول: ” نعتقد في وجود كل الشروط التي تقضيها مدونتنا الجنائية والاجتهاد القضائي للمحكمة العليا لتحميل مسؤولية وفاة إلياس الطاهري إلى الأشخاص، الذين رغم علمهم بالمخاطر المرتبطة بقرارهم، وبالرغم من أنه تم تحذيرهم بشكل صريح، إلا أنهم أجازوا وطبقوا البرتوكول المتعلق بالإخضاع أو التقييد المادي (الميكانيكي) الذي يستعمله مركز أوريا‘‘.

وقبل أن ينضم الادعاء إلى الدعوى التي أقامتها أم إلياس ويطالب بإعادة فتحها، كان محامي الشعب، كارلوس كاسطريسانا فيرنانديز، قد أصدر تقريرا دعا فيه إلى وجوب إنهاء الوسائل و التدابير والبروتوكولات المذكورة، التي تعتمدها العديد من المراكز المتخصصة في إعادة إدماج القاصرين، نظرا لكونها تتعارض مع المبادئ والتوصيات الصحية و مبادئ حقوق الإنسان و أنها تمثل مخاطر حقيقية على حياة من تمارس عليهم. 

ومن جهة أخرى، تحولت مسألة إلياس الطاهري إلى قضية رأي عام في المغرب، تعاطت معها بكثير من الاهتمام وسائل الإعلام و منصات التواصل الاجتماعي والجمعيات والمراكز الحقوقية، وتكونت هيئة مغربية تحت اسم “ائتلاف العدالة من أجل إلياس‘‘، عمل منسقها مراد العجوطي على تحريك القضية، وتوجيه رسالة إلى السفير الإسباني في المغرب.

وفي لقاء له مع صحيفة هسبريس المغربية، قال العجوطي: عن البيان الذي أصدره المدعي الإسباني: ” البيان ركّز على مدى قانونية استعمال بروتوكول التقييد الميكانيكي، في حين أن الأمر يتعلق بجريمة قتل؛ ومن ثمة يجب متابعة مرتكبيها على هذا الأساس‘‘، مستدركا: “نقوم بحملة ضغط في الملف منذ أزيد من عشرة أيام، انخرط فيها العديد من السياسيين والبرلمانيين وجمعيات المجتمع المدني‘‘. 

كما دخلت على خط القضية، جمعية ابن بطوطة التي تنشط في إسبانيا، حيث  طالب رئيسها، النائب الاشتراكي السابق في برلمان كطالونيا، محمد الشايب، بالانضمام إلى الدعوى التي أقامتها أم إلياس مع مجموعة من الجمعيات والمحامين.

X