الفهرس
لا تستطيع الضغوطات الدولية السطحية ولا قرار مجلس الأمن الدولي بالاكتفاء بالإعلان عن ’’القلق الشديد‘‘ بدل وصف ما حدث بـ ’’الانقلاب‘‘ واتخاذ الإجراءات الفعالة، تغيير الأوضاع في السودان لعودة الحكومة المدنية التي عزلها العسكر.
فالمظاهرات التي يقودها الرافضون للانقلاب العسكري تظل تشكل المعادلة الأقوى للتصدي للانقلاب وإرجاع الحياة السياسية في السودان إلى مسارها الصحيح حسب ما يعتقده الكثير من المتتبعين للشأن السوداني.
ويواجه الفريق أول عبد الفتاح البرهان منذ قيامه بالإطاحة بحكومة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، يوم الاثنين الماضي مشكلة كبيرة بسبب الحشود المتزايدة التي تتوافد على الميادين ولا تريد التراجع.
وأوردت الـ ’’بي بي سي‘‘عن جوناس هورنر من مجموعة الأزمات الدولية قوله: “كان هذا سوء تقدير منذ البداية وسوء فهم لمستوى الالتزام والشجاعة والقلق الذي يشعر به الشارع بشأن مستقبل السودان”.
وتشير الوكالات الدولية للأخبار إلى نزول السودانيين بكثافة إلى الشوارع في سائر أنحاء البلاد، لا سيما في في مدن وسط وشرق وشمال وغرب السودان. وقال شاهد لرويترز إن الحشود تضخمت لتصل إلى مئات الآلاف في الخرطوم.
وقد انطلقت المظاهرات في عدة مدن سودانية بعد ظهر يوم السبت، استجابة لدعوى قوى مدنية دعت إلى مظاهرات ’’مليونية‘‘رفضا للانقلاب الذي قاده قائد الجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان.
وبادر الجيش بإغلاق جميع الجسور التي تربط بين مدن العاصمة الثلاث منذ مساء الجمعة، وعزل العاصمة الخرطوم عن بقية المدن لعدم وصول المتظاهرين إليها.
وانتشرت قوات الأمن المشتركة من الجيش والشرطة والدعم السريع في كل أنحاء البلاد، وفي محيط القصر الجمهوري والقيادة العامة للجيش وفي النقاط الحيوية وبعض الشوارع الرئيسية.
وأيد وزراء الحكومة في بيان رسمي الاحتجاجات الشعبية، وقالوا إن الجيش ’’لن يجد السودانيين الأحرار أو القوى الثورية الديمقراطية الحقيقية شركاء لهم في السلطة‘‘.
وأعلنت لجنة أطباء السودان المركزية، الأحد، ارتفاع عدد القتلى في صفوف المحتجين إلى 11 قتيلا، بعد وفاة أحد المتظاهرين الأحد متأثرا بجراحه.
وأوردت اللجنة في بيان: ’’ارتقت روح الثائر مروان جمال صباح اليوم بالمستشفى متأثراً بإصابة غادرة في الرأس في أحداث مدينة بحري (شرق) ليلة 28 أكتوبر 2021 بواسطة قوات الانقلابيين بعد يوم من المعاناة في غرفة العناية المكثفة‘‘.
وأضافت: ’’بارتقاء الشهيد مروان وصعود ثلاثة أرواح طاهرة (في مظاهرات السبت) يرتفع عدد شهداء مجازر الانقلابيين وسط الثوار منذ يوم الانقلاب في 25 أكتوبر إلى 11 شهيداً وفقاً لتأكيدات مصادرنا‘‘.
ومن المتوقع أن تستمر الاحتجاجات في السودان، وهو ما قد يدخل البلاد في مصير مجهول إذا ما استمر قادة الانقلاب مصرين على مواصلة إجراءاتهم في ظل عدم وجود ضغوط دولية مؤثرة.
وكان قائد الجيش، الفريق عبد الفتاح البرهان، قد أعلن يوم الاثنين الماضي حل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين، وإقالة الولاة، وتعليق العمل ببعض الفصول الدستورية، وإقرار حالة الطوارئ، وحلّ جميع الكيانات النقابية والاتحادات المهنية؛ وبرّر ذلك بوجود خطر ’’حرب أهلية‘‘ ومخاوف أمنية على البلاد، وتعهّد بتشكيل حكومة كفاءات مستقلة.
وقبل أن تصدر قرارات البرهان، كانت السلطة في السودان، يتقاسمها كل من الجيش وقوى مدنية من خلال مجلسي السيادة والوزراء؛ حيث توصلت المكونات السودانية منذ 21 أغسطس/آب 2019 إلى إقرار فترة انتقالية منظمة بموجب مجموعة من فصول الدستور تستمر 53 شهرا وتنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024؛ ثم التحقت بهذا الاتفاق قوى وحركات مسلحة وقعت مع الحكومة السودانية اتفاق سلام في 2020.
(وكالات)