يؤثر ارتفاع عدد من المواد الاستهلاكية الأساسية على القدرة الشرائية للمغاربة ومدخراتهم، فضلا عن أنه يبطئ عجلة الاقتصاد الوطني.
ومنذ بداية الحملة الانتخابية سُجّل ارتفاع لبعض المواد الغذائية والصناعية والخدماتية، وتداول العديد من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي قوائم تضم المواد التي ارتفعت أسعارها.
ويُعزى هذا الارتفاع حسب العديد من المتتبعين إلى زيادة أسعار الطاقة والمواد الأولية على المستوى الدولي؛ كما يعتبرون أن الحكومة تتحمل قسطا مهما في الأمر نظرا لمسؤوليتها عن مراقبة السوق الداخلي وتنظيمه.
وخلال مداخلته بمجلس المستشارين، يوم الثلاثاء المنصرم، قال محمد صديقي وزير الفلاحة والصيد البحري، إن ’’تمويل الأسواق بالمنتوجات الفلاحية يتم بشكل جيد، وسط توقعات بأن تشهد أسعار بعض المواد الفلاحية تقلبات تتمثل بارتفاعات عادية في هذه الفترة من السنة، ناتجة عن الانتقال من الزراعات الصيفية نحو الزراعات الشتوية‘‘.
وأضاف صديقي، أن ’’الارتفاع النسبي في أسعار منتوجات صناعية غذائية كزيت المائدة بسبب تزايد أسعار المواد الأولية في السوق العالمية‘‘.
لكن تصريحات الوزير لم يستحسنها عدد كبير من المغاربة الذين عبروا من خلال منصات التواصل الاجتماعي عن غضبهم من التعامل ’’الحيادي‘‘ والتبسيطي للحكومة مع موضوع شديد الحساسية.
كما أن تفسيرات الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى بايتاس، رآها العديد من أنها تتفادى الغوص في الإشكالية ولا تعطي للمغاربة حلولا وتوضيحات كافية.
وأمس الخميس، اعتبر بايتاس خلال ندوة صحفية عقب اجتماع المجلس الحكومي، أن الزيادات في الأسعار ناتجة عن ارتفاع الغاز الطبيعي بفعل الطلب الكبير عليه في فترة الشتاء، وقال إن الحكومة تتابع هذا الأمر وناقشته في المجلس الحكومي واجتماعات سابقة، مضيفا: “نتتبع الأمر وسنرى كيف ستسير الأمور على المستوى الدولي‘‘.
وكان حزب “التقدم والاشتراكية” قد دعا في بيان إلى ’’ضرورة اتخاذ الحكومة ما يلزم من إجراءات لحماية القدرة الشرائية للمواطنين، خاصة من خلال ضبط ومراجعة أسعار المواد الغذائية والمحروقات التي عرفت ارتفاعا كبيرا في الفترة الأخيرة‘‘.
والاثنين الماضي طالبت فدرالية اليسار، من خلال بيان، الحكومة ’’بتفعيل آليات المراقبة والعودة إلى تحديد الأسعار بالنسبة للمواد الأساسية وعلى رأسها المحروقات، خصوصا أمام استمرار التداعيات الاجتماعية للأزمة الصحية، وهو ما يقتضي دعم القدرة الشرائية للمواطنين‘‘.
وفي تصريحات لإحدى الصحف المحلية، لاحظ رئيس الجامعة الوطنية لحماية المستهلك، بوعزة الخراطي، ارتفاع الأسعار في وقت واحد من طرف جميع الموردين، واعتبر أن ذلك يُعد خللا في سوق تسوده حرية الأسعار والمنافسة.
وأوضح الخراطي أن ارتفاع أسعار المحروقات يتسبب في زيادة جميع أسعار المواد والخدمات. لكنه استغرب لصمت الحكومة واعتمادها للرسوم الجمركية المرتفعة، معتبرا أن ذلك سيزيد في تحطم القدرة الشرائية.
وأكد الخراطي على حق المستهلك في الإخبار والاختيار طبقا لقانون حماية المستهلك.
ويتساءل البعض إن كان ’’التضحم‘‘ قد أضحى إشكالية بنيوية في الاقتصاد المغربي؟ عِلماً أن البنك المركزي المغربي توقع بلوغ نسبة التضخم إلى 1,2% هذه السنة، و 1,6% السنة المقبلة.
وفي ظل غياب مبادرات سياسية حزبية وحكومية لاحتواء ظاهرة ارتفاع الأسعار، يتولى الشارع قضية حماية حقوقه المرتبطة بالاستهلاك بنفسه.
وقد انطلقت في الأيام الأخيرة، عبر منصات التواصل الاجتماعي، شعارات تنادي بإشهار ورقة ’’المقاطعة‘‘ من جديد لمنتوجات بعض الشركات. كما أطلق عدد من النشطاء دعوات لمقاطعة لحم الدجاج بعد ارتفاع سعره بشكل كبير.
وتشتكي نسبة كبيرة من المواطنين في هذه المواقع الإلكترونية، صمت الحكومة و ’’حيادها السلبي‘‘ في موضوع شديد الأثر على الحياة الاقتصادية والاجتماعية للأسر المغربية.
(الفهرس/صحف مغربية/مواقع إلكترونية)