وما تداعيات ذلك على المستوى العالمي؟
إفلاس الحكومة معناه أن يحصل نقص في موارد الخزانة الأمريكية يؤدي إلى عدم تنفيذ الوظائف الحكومية، والتخلف عن سداد الدين، أي عدم قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها تجاه الدائنين.
وكانت وزارة الخزانة الأمريكية قد غيّرت التاريخ المتوقّع لإفلاس الحكومة، حيث أرجأته من الفاتح يونيو/حزيران إلى تاريخ جديد وهو الخامس يونيو/حزيران 2023. وذلك معناه أن التاريخ الأخير المعلن يمثل الموعد الذي تستنفذ فيه الخزانة الأمريكية وضعها النقدي.
وبحسب ما ورد في رسالة وزيرة الخزانة الأميركية، جانيت يلين، لزعماء الكونغرس، فإنه بناءً على البيانات الواردة الأخيرة، ثمة توقُّعٌ أن تتعرض الخزينة إلى نقص في الموارد بتاريخ 5 يونيو/حزيران سيعيق تنفيذ المهام الحكومية وذلك في حال إذا لم يتم رفع سقف الدين العام.
وسبب الأزمة المعلنة مردُّه الاختلاف الحاصل بين البيت الأبيض ومجلس النواب الذي يسيطر عليه الجمهوريون حول الاتفاق على رفع سقف الدين العام.
فالجمهوريون في مجلس النواب يربطون الموافقة على زيادة سقف الدين بتنفيذ تخفيضات في إنفاق الميزانية الفدرالية من جانب البيت الأبيض. لكن الرئيس الأمريكي والديمقراطيين في مجلس النواب، يطلبون تمرير زيادة سقف الدين دون شروط.
ويمتلك مجلس النواب اختصاصات واسعة في مجال المالية العامة للدولة الفدرالية بموجب الدستور الأمريكي، ويحظر تجاوز سقف الدين دون موافقته.
وفي 19 يناير/ كانون الثاني 2023، تجاوزت الولايات المتحدة سقف الدين المحدد في 31.4 تريليون دولار.
وسقف الدين الذي يُطلق عليه أيضا حد الدين، يمثل الحد الأقصى للمبلغ الإجمالي للدين الذي يمنع تجاوزه خلال السنة المالية بموجب قانون الموازنة. وبالتالي فإن الأموال التي يُسمح للحكومة الفيدرالية باقتراضها يجب أن لا تتجاوز هذا الحد إلا إذا وافق مجلس النواب على ذلك.
وحذرت عدة جهات من أن تخلف الولايات المتحدة عن سداد دينها من شأنه أن يتسبب في حدوث أزمة مالية داخلية وعالمية.
وسبق لوزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين أن دقت جرس الإنذار بإعلانها أن تخلّف الولايات المتحدة عن السداد من شأنه أن يسبب ’’أزمة مالية عالمية‘‘ وسيؤدي إلى زيادة كلفة الاقتراض وسيقوّض مكانة الدولار بصفته عملة احتياطية دولية.
ومن المرجح أن يؤدي التخلف عن سداد الدين من طرف الحكومة الأمريكية إلى تسارع فوري للتضخم، وارتباك في سوق السندات والأسهم، ودخول الاقتصاد في حالة ركود حاد. لكن التأثير الأكبر سينعكس بالخصوص على الدولار وعلى مكانته الدولية إذ من المحتمل جدا أن تجد الشركات نفسها مجبرة على دفع فواتيرها الدولية بعملة أخرى. هذا بالإضافة إلى الانعكاسات السلبية والمدمرة لاقتصاد العائلات والمقاولات الذاتية والمقاولات الصغرى والمتوسطة.
وعلّقت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجيفا، على أزمة سقف الدين الأميركي في مؤتمر صحفي قائلة إنها تأمل ألا يضطر الاقتصاد العالمي إلى الانتظار حتى اللحظات الأخيرة، حتى يجري التوصل إلى حل لأزمة سقف الدين الأميركي.
أما رئيس البنك الدولي، ديفيد مالباس، فقد اعتبر أن احتمال تخلّف الولايات المتحدة عن سداد ديونها ’’يزيد من المشكلات التي يواجهها الاقتصاد العالمي المتباطئ‘‘، وذلك في الوقت الذي تتراجع فيه الاستثمارات اللازمة لزيادة الإنتاج نتيجة لارتفاع أسعار الفائدة ومستويات الديون.
وتأتي الأزمة الحالية التي تعيشها الولايات المتحدة، في ظل اضطرابات اقتصادية كبيرة بفعل التضخم المتسارع، واضطرابات القطاع المصرفي التي أثارها انهيار بنك ’’سيليكون فالي‘‘ في آذار/مارس الماضي، كما أنها تأتي في سياق يسجل فيه الدولار انخفاضا على مستوى إحتياطيات البنوك الدولية في العقود الأخيرة، مما يوحي بأن العالم أصبح مقبلا أكثر من أي وقت مضى على تغيرات ضرورية وعميقة على مستوى النظام النقدي الدولي.
(سعيد منصفي التمسماني/وكالات)