رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني ورئيس الحكومة الجهوية للأندلس خوانما مورينو

لا شك أن عملية العبور التي تستهدف ملايين المغاربة المقيمين في الخارج، تأتي على غير عادتها، وربما لن تأتي، أو قد يتم إلغاؤها بقرار، أو تأجيلها إلى تاريخ آخر…

وفي جميع الحالات، لن تكون عملية العبور لهذه السنة كسابقاتها، لأنها تتزامن مع ظرف عالمي يغلب فيه الهاجس الصحي على كل الاعتبارات الأخرى. 

الكل يعلم مدى الأهمية التي تصطحب عودة المغاربة إلى ديار الوطن، سواء من حيث الجانب الإنساني والعاطفي وتوثيق التواصل، أو من حيث الجانب الاقتصادي وما يرتبط به من إنعاش للسوق الداخلية المغربية وتغذية للاحتياطي من العملات الأجنبية والمساعدة المادية المباشرة للأهل و الأقارب. 

إدارة الجمارك أعلنت في تقرير لها أصدرته مؤخرا، أن عملية “مرحبا‘‘ لعبور المغاربة المُقيمين بالخارج خلال موسم سنة 2019 أسفرت عن دخول 2.9 ملايين مغربي ومغربية إلى أرض الوطن.

أما التحويلات التي تنجزها الجالية المغربية في اتجاه المملكة، فقد بلغت، حسب مكتب الصرف  أزيد من 6 مليار دولار. 

لكن، بالرغم من كل هذه المعطيات الاقتصادية الأساسية للنسيج الاقتصادي المغربي، فيبدو أن مصير عملية العبور لهذه السنة ما يزال مجهولا. وهذا ما يمكن استنتاجه من تدخل وزير الخارجية، ناصر بوريطة، يوم الثلاثاء 9 يونيو في جلسة مجلس المستشارين، حيث قال، إن العملية لها تاريخ محدد و قد تم تجاوزه، وإن  “تاريخ فتح المغرب لحدوده غير محدد بالشكل الدقيق إلى غاية اليوم، ثم فتح الحدود بالنسبة للدول التي تمر منها الجالية المغربية غير واضح أيضا، خصوصا بالنسبة للحدود بين فرنسا وإسبانيا أو إيطاليا وفرنسا وغيرها‘‘. 

هذا هو موقف السلطة المغربية والوضع المتعلق بهذا الملف بصفة عامة، لكن ماذا عن إسبانيا ؟ 

اللافت في المسألة، إخضاعها من طرف بعض الصحف الإسبانية للحسابات السياسية الضيقة والاستهلاك السياسي المحلي، لا سيما الصحافة المحسوبة على الجناح اليمينى واليمين المتطرف على وجه الخصوص، حيث يطغى عليها طابع التهويل والتخويف والتلفيق ومجانبة المعطيات الاقتصادية لأغراض معينة، يعلم الجميع، أنها تنِمّ عن نوع من الكراهية الثقافية الدفينة والاعتبارات الانتخابية الضيقة.

غير أنه لا يجب تعميم هذا الحكم، إذ توجد، في المقابل، صحافة تعاطت مع الموضوع بموضوعية عالية. 

أما الموقف الرسمى للحكومة المركزية، التي يقودها اليساريون، فقد غلب عليه التريث وعدم اتخاذ قرار واضح في الموضوع، علما أن الاتجاه العام يقول بالتنسيق مع السلطات المغربية.

غير أن الحكومة الجهوية للأندلس، التي يقودها خوانما مورينو من الحزب الشعبي، بتحالف مع حزب اسْيودَدانوس وحزب فوكس اليمني المتطرف، كان لها موقف آخر.

فالرئيس الأندلسي، لم يخف اعتراضه على عملية العبور لهذه السنة، و عبّر عن قلقه و رغبته في إلغاء العملية، خلال اجتماعه برئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانتيش عبر تقنية الفيديو يوم الأحد الماضي. بل إن الرجل جعل من المسألة مادة دسمة للاستهلاك السياسي و الإعلامي. ففي تصريحات له يوم الاثنين الماضي، أوردتها عنه صحيفة “أوروباسور‘‘، اعتبر فيها أنه ليس منطقيا منع المَعارض والمهرجانات التي يحضرها ثلاثة آلاف أو أربعة آلاف من الأشخاص، في حين يسمح لعبور ثلاثة ملايين شخص من قارة إلى أخرى خلال مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر. 

أعضاء المعارضة في البرلمان الأندلسي أبدوا احتجاجهم على تصريحات خوانما مورينو، واعتبر مانويل خيمينس باريوم من الحزب الاشتراكي، أنه لا يجوز بناء موقف بالنظر إلى الموطن الأصلي للأجانب، وأن هذا يتعارض مع إعلان الحكومة المركزية حول فتح الأبواب للسياحة الأجنبية.

أما المعارِضة أنخيلا أغيلار من حزب “إلى الأمام أندلوسيا‘‘، فذهبت إلى وصف تصريحات الرئيس الأندلسي بالعنصرية، ورأت أنه من غير المقبول وضع حواجز أمام أشخاص يدخلون إسبانيا ويعبرونها في وقت وجيز لزيارة أهلهم. 

ولم تنحصر الاعتراضات في الأوساط السياسية، حيث انضمت إليها إحدى أكبر نقابات العمال الإسبانية (CCOO)، التي طالبت الحكومة بتقوية استعداداتها لاستقبال عملية العبور برسم سنة 2020، وتأسفت النقابة عن التصريحات الصادرة عن رئيس الحكومة الأندلسية واعتبرتها غير مسؤولة، وأنها لا تضع في الحسبان مصالح قطاع النقل البحري وما يتصل به من مقاولات، والأضرار الكبيرة التي ستتكبدها شركات هذا القطاع وعماله في حالة إلغاء عملية العبور لهذه السنة. 

وتجدر الإشارة، إلى أن عملية العبور التي تنطلق عادة في الأسبوع الأول من شهر يونيو وتنتهي في الخامس عشر من شهر شتنبر، تساهم بشكل كبير في النشاط الاقتصادي للموانئ الجنوبية و ميناء الجزيرة الخضراء على وجه الخصوص الذي يعد من أهم الموانئ الإسبانية.

وتساهم حركة النقل التي ينخرط فيها ما يقارب 4 مليون مسافر و 800 ألف مركبة بموارد مالية مهمة للمقاولات الإسبانية العاملة في قطاع النقل و في الخدمات الأخرى ذات الصلة.

(الفهرس)

X