المغرب يراهن في سياسته المائية بشكل كبير على الموارد غير التقليدية وفي مقدمتها الموارد المتصلة بتحلية مياه البحر

 

إذا كان المغرب يتوفر على شبكة مهمة من السدود، تتضمن 149 سدا كبيرا بسعة إجمالية تفوق 19 مليار متر مكعب، إلى جانب الآلاف من الآبار التي تستخرج منها المياه الجوفية، فإن هذه الشبكة التي تعتمد على المصادر المائية التقليدية، لم تعد كافية لمواجهة التحديات المتعلقة بانخفاض الموارد المتجددة نتيجة التغيرات المناخية وتراجع نسبة التساقطات المطرية في بعض السنوات وعدم تناسبها مكانيا وزمنيا. ففترات الجفاف التي تضرب المغرب من حين لآخر، حسب العديد من الدراسات، أضحت تشكل سمة بنيوية وليست حالة عرضية.

صحيحٌ أن المغرب استطاع بواسطة هذه الشبكة وباعتماد برامج متعددة واستعمال تقنيات الري الموضعي من توسيع المساحة  الزراعية المسقية حتى أصبحت تتجاوز 1,5 مليون هكتار، لكن ذلك لا يكفي وحده لضمان الأمن الغذائي في المستقبل وتحقيق التنمية الاقتصادية التي يُعتبر فيها النشاط الفلاحي عاملا أساسيا.

وعادة ما يتم تقييم الوضعية المائية بالنظر إلى قسمين من الموارد، وهما: الموارد المائية التقليدية المتكونة من الأنهار والأحواض والبحيرات والمياه الجوفية والتساقطات المطرية والثلجية. ثم هناك الموارد المائية غير التقليدية المتأتية من عمليات تحلية مياه البحر ومعالجة المياه العادمة والمستعملة.

وقد أدرج ’’البرنامج الأولوي الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي 2020-2027‘‘ مسألة الموارد المائية غير التقليدية ضمن أولوياته. وتبلغ الميزانية المخصصة لتنزيل البرنامج 115 مليار درهم.

 كما يعتمد المغرب على رؤية طويلة الأمد تنطلق من المخطط الوطني للماء 2020-2050  الذي ستبلغ كلفته المتوقعة أزيد من 380 مليار درهم، ويهدف بالخصوص إلى تعزيز العرض المائي من خلال بناء مزيد من السدود، والربط بين الأحواض المائية، والرفع من مستوى تحلية مياه البحر ومعالجة المياه العادمة…

ويراهن المغرب في سياسته المائية بشكل كبير على تحلية مياه البحر باعتبارها خطة محورية من شأنها التصدي لإشكالية ندرة المياه والمساهمة على نحو فعال في ضمان الأمن الغذائي.

وسبق للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أن نبّه في ورقة تحذيرية كان قد أصدرها في شتنبر/أيلول 2019 إلى ’’الاستخدام المكثف للموارد المائية غير التقليدية‘‘،  ودعا بشكل خاص إلى  ’’تعميم تقنية تحلية مياه البحر بالنسبة للمناطق الساحلية وإعادة استخدام المياه العادمة المعالجة‘‘.

وقد أنشأ المغرب  أول محطة لتحلية مياه البحر في إقليم طرفاية سنة 1976 بطاقة إنتاجية قدرت حينها بــ 70 متر مكعب في اليوم، ثم أتبعها بمحطات أخرى في العيون وبوجدور وأكادير.

وبحلول سنة 2016، كان لدى المغرب 15 منشأة لتحلية المياه، تبلغ طاقتها الإنتاجية 132 مليون متر مكعب في السنة، وتعمل جميعها (96%)، تقريباً، بنظام التناضح العكسي، باعتباره التقنية الأقل استهلاكا للطاقة.

ويسعى المغرب إلى إمداد مشاريع تحلية البحار بمصادر الطاقة المتجددة المحلية بهدف تقليص التكلفة.

وفي العاشر من شهر نونبر 2020، تم الإعلان عن الشروع في الخطوات الإجرائية لإنجاز أكبر محطة، على المستوى القاري، لتحلية مياه البحر بمدينة الدار البيضاء، بقدرة استيعابية تصل إلى 300 مليون متر مكعب، وكلفة مالية تناهز 10 ملايير درهم.

كما أعلن وزير الفلاحة والصيد البحري المغربي، محمد الصديقي، خلال تقديمه مشروع الميزانية الفرعية لوزارته بالشروع مطلع عام 2022 في استغلال محطة تحلية المياه بإقليم “اشتوكة آيت بها” التي استغرق العمل فيها نحو أربع سنوات.

وتبلغ سعة محطة التحلية بشتوكة أيت بها، في مرحلة أولى 275 ألف متر مكعب في اليوم، منها 150 ألف متر مكعب موجهة للمياه الصالحة للشرب، ويمكن لمليون و600 ألف نسمة من الحصول على هذه المياه في جهة أكادير.

وستساهم محطة التحلية بشتوكة أيت باها بسقي 15 ألف هكتار أرض زراعية بداية عام 2022.

وفي الأقاليم الجنوبية للمملكة، أعلن الوزير الصديقي أن العام المقبل سيشهد انطلاق أشغال إنجاز مشروع الداخلة، الواقع شمال مدينة الداخلة، ويستهدف سقي 5000 هكتار، انطلاقا من تحلية مياه البحر، مشيرا إلى أنه مشروع مندمج يتكون من محطة لتحلية مياه البحر، وكذا محطة إنتاج الطاقة الريحية، إضافة إلى ذلك ستنطلق دراسة مشروع شبيه في طانطان، عام 2022.

 (الفهرس/سعيد منصفي التمسماني)

X