الكاتب: سعيد منصفي التمسماني

هل انتهت الأزمة بين المغرب وإسبانيا بمثول زعيم ’’البوليزاريو‘‘ أمام القضاء الإسباني عن طريق الفيديو من مستشفى سان بيدرو في لوغرونيو حيث كان يخضع للعلاج بعد إصابته بفيروس كورونا؟

إن مغادرة غالي للتراب الإسباني مساء الثلاثاء في اتجاه الجزائر، بعد أن امتنع القاضي الإسباني سانتياغو بيدراث فرض أي إجراء تحفظي في حقه وبعد قضائه أربعة وخمسين يوما بمستشفى ’’سان بيدرو‘‘ بمدينة ’’لوغرونيو‘‘، من شأنه أن يضع نقطة نهاية كعلامة على انتهاء جُملة.

أما الموضوع في سياقه العام فلم ينته بعد. وجوهر الموضوع، قد عبّر عنه وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، في تصريح قال فيه إن  أصل الأزمة مع إسبانيا ليس ملف إبراهيم غالي، بل انهيار الثقة بين البلدين والمواقف العدائية لمدريد بشأن ملف الصحراء.

فدخول غالي، إذن، إلى إسبانيا بهوية منتحلة، وعدم تنسيق مدريد مع الرباط في الأمر، وما استتبع ذلك من هجرة جماعية إلى سبتة ومن تصريحات وردود أفعال بين الطرف المغربي والإسباني، كل ذلك كان بمثابة عوارض للمشكل الرئيس.

والمشكل الرئيس بالنسبة للمغرب، يتمثل في عدم تموقع إسبانيا بشكل واضح فيما يتعلق بملف الصحراء. فالمغرب يرغب في أن تحذو إسبانيا حذو الدول التي اعترفت بسيادة المغرب على إقليم الصحراء، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، وأن لا تظل في المنطقة الرمادية المتراوحة بين ’’نعم‘‘ و ’’لا‘‘، أي ’نعم‘‘ للمبادرة المغربية بشأن الحكم الذاتي مع التأكيد في آن واحد على مبدأ ’’الحق في تقرير المصير‘‘.

هذا الموقف بالذات، موقف ’’نعم‘‘ و ’’لا‘‘، هو الذي لم يعد يقبله المغرب من طرف إسبانيا، لأنه يرى أنه لا يمكن أن تُبْنى على أرضيته شراكات اقتصادية وسياسية وأمنية قوية ذات بعد استراتيجي.

ويندرج موقف المغرب هذا في ظل التحالفات الجديدة التي دخل فيها، وفي مقدمتها التحالف الاستراتيجي مع الولايات المتحدة الأمريكية بعد إبرام الطرفين اتفاقية التعاون العسكري في أكتوبر الماضي، وما تلا ذلك من اعتراف واشنطن بسيادة المغرب على الصحراء، وإعلان الرباط عن تطبيع علاقاتها مع إسرائيل، بالموازاة مع إقدام عدد مهم من الدول على فتح هيئاتها الدبلومسية في الأقاليم الصحراوية، وفي مقدمتها الدول الخليجية. هذا، فضلا عن أن الرباط، نشطت بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة في تنويع علاقاتها الدولية وفتح قنوات اقتصادية وسياسية مع الدول الإفريقية والمملكة المتحدة وروسيا والصين.

ومن ثمة،  لا يمكن فهم ما جرى في مسألة إغلاق معبر سبتة قبل الإعلان عن تفشي وباء كورونا، وما يجري حاليا بعد دخول إبراهيم غالي لإسبانيا بهوية منتحلة، وتدفق سيل من المهاجرين من الفنيدق نحو سبتة، وأبعاد الأزمة بين المغرب وإسبانيا بصفة عامة، دون استحضار المشكل الرئيس، المتمثل فيما يراه المغرب موقفا سلبيا من مدريد فيما يخص ملف الصحراء .. وبالتالي، فإن الأزمة ستظل قائمة مادام المشكل الرئيس قائما، وأي حلول ستطرح بمنأى عن معالجة أصل المشكل، سوف تكون حلولا مؤقتة ولن تساعد في توطيد العلاقات بشكل دائم بين الطرفين.

(الفهرس/سعيد منصفي التمسماني)

ـــــــــــــــــــــ

مقالات ذات صلة:

ـ عيْنُ إسبانيا على السلاح المغربي

X